[الإجماع في الحروب والآراء]
قال القاضي عبد الوهاب (١) : والأشبه بمذهب مالكٍ أنه لا يجوز مخالفتهم فيما اتفقوا فيه من الحروب والآراء، غير أني لا أحفظ عن أصحابنا فيه شيئاً.
وحجته: أن عموم الأدلة يقتضي (٢) أنهم معصومون مطلقاً [فيحرم مخالفتهم] (٣) .
حجة الجواز: أن الأدلة إنما دلَّت على عصمتهم فيما يقولونه عن الله تعالى، وهذا ليس منه، فلا يكون قولهم حجة.
وجوابه: أن هذا تخصيصٌ، والأصل عدمه.
الكلام في اشتراك الأمة في الجهل بشيءٍ ما
وأما إشتراكهم في الجهل وعدم العلم بما (٤) لم يكلفوا به (٥) فهذا هو من ضرورات المخلوقات، ولم تجب الإحاطة إلا لله تعالى، وأما جهلهم بما كلفوا به فذلك محال عليهم؛ لأنه معصية تأباها العصمة.
قال القاضي عبد الوهاب (٦) : ولا يجوز أن يجمعوا على فعل معصيةٍ في وقت (٧) أو أوقات متفرقة؛ لأن تفرَّق (٨) الأوقات لا يخرجهم عن كونهم مجمعين على معصية وكذلك الخطأ في الفتيا.
واختلفوا: هل يصح أن يجمعوا على خطأ في مسألتين كقول بعضهم بمذهب الخوارج، والبقية بمذهب المعتزلة (٩) ، وفي الفروع مثل: أن يقول البعض بأن العبد يَرِث
(١) انظر قوله في: شرح مختصر الروضة ٣/١٣٣، البحر المحيط للزركشي ٦ / ٤٩٤، رفع النقاب القسم ٢/٥٦٢، حاشية التوضيح والتصحيح لابن عاشور ٢ / ١٢٣.
(٢) في س، ق: ((تقتضي)) وهو تحريف.
(٣) في ق: ((فيحرم خلافهم)) .
(٤) في ن: ((مما)) وهي غير مناسبة.
(٥) في ن: ((فيه)) وهي غير مناسبة.
(٦) انظر ما يشبه هذا النقل في: الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصرٍ فَرْض للسيوطي ص ١٠٣.
(٧) ساقطة من ق.
(٨) في ق: ((تفريق)) .
(٩) كما في مسألة مرتكب الكبيرة، فإن الخوارج يحكمون عليه بالكفر، والمعتزلة يجعلونه في منزلة بين المنزلتين، فليس هو بمؤمن ولا كافر. ويتفق كلا المذهبين على تخليده في النار. وكلا المذهبين باطل، فإن مذهب أهل السنة والجماعة ـ المذهب الحق ـ أنه مؤمن عاصٍ، تحت مشيئة الربّ تبارك وتعالى، إن شاء عذبه ولا يُخلَّد في النار، وإن شاء عفا عنه. انظر شرح العقيدة الطحاوية ص٤٤٢. وانظر مذهب الخوارج في: العقود الفضية في أصول الإباضية لسالم بن حمد العُماني ص ٢٨٥، ومذهب المعتزلة في: شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص ١٣٧، ٦٩٧.