للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإرادة، فإنَّ القديم يستحيل أن يراد؛ لأن (١)

الفاعل المختار لا يُتَصوَّر منه أن يقصد إلى إيجاد أثره إلا حالة عدمه (٢) ، غير أنه لو فرضنا أن الله تعالى ما أحدث عَالَماً لم يكن الإرسال مستحيلاً عليه في ذاته، بل لابد من مُرْسَلٍ ومُرْسَلٍ إليه فقط (٣) فهذا مانع خارجي (٤) ، وكذلك (٥) لو فرض العقل إلهين (٦) أو أكثر تصوَّر (٧) من كل واحد منهما الإرسال، هذا بالنظر إلى باديء النظر، وإن كان (٨) من المحال أن يَثْبُت عَالَم مع الشركة حتى يُتَصَوَّر (٩) فيه إرسال (١٠) ،

لكن المقصود في هذا الموضع ما يتوقف عليه الإرسال في مجاري العادات (١١) .


(١) ومن العلماء ـ كالشيرازي والسمعاني ـ من جعل حدوث العالم مما يتوقف الإجماع عليه فلا يثبت به. انظر: شرح اللمع للشيرازي ٢/٦٨٧، قواطع الأدلة ٣/٢٥٨ وانظر: البحر المحيط للزركشي ٦/٤٩٢ ـ ٤٩٣. وقد أشار إلى ذلك المصنف في نفائس الأصول ٦/٢٧٦١.
(
) في ق، ن: ((ولأن)) .
(٢) هذا تعليل على استلزام قدمِ العالم انتفاءَ الإرادة، وحاصله: أن القول بقدم العالم يفضي إلى سلب صفة الفاعلية والاختيار عن الرَّب تبارك وتعالى، إذ يستحيل تصور إيجاد أثر الفاعل ـ وهو المفعول ـ إلا عند عدمه. وإذا امتنعت الإرادة امتنع إرسال الرسل وامتنع الإجماع، فصار الإجماع متوقفاً على حدوث العالم لكن بنظر بعيد. والله أعلم.
(٣) ساقطة من ن.
(٤) يقصد ـ والله أعلم ـ أن افتراض أن الله لم يُحدِثْ عالماً لا يُحيل إرسال الرسل في حدّ ذاته، هذا الافتراض يمنع توقف الإجماع على حدوث العالم بالنظر البعيد. لكن هذا المانع خارجي من جهة وقوع الإرسال خارج العالم.
(٥) في س: ((ولذلك)) .
(٦) في س: ((المعين)) وهو تحريف.
(٧) هنا زيادة: ((العقل)) في س، ن.
(٨) ساقطة من ن.
(٩) المثبت من ق، ص. وفي ن: ((ينتشر)) ، وفي س: ((ينشر)) ، وفي باقي النسخ: ((يتيسر)) .
(١٠) دلَّ عليه قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}
[الأنبياء: ٢٢] . وقوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون: ٩١] .
(١١) أي العبرة فيما يتوقف عليه الإرسال النظر القريب كوجود الصانع وصفاته، دون النظر البعيد الذي لا يُتوصّل إليه إلا بلزوماتٍ على خلاف العادة. لكن وقع خلاف فيما يتوقف عليه الإجماع من العقليات بالنظر البعيد، هل يكون الإجماع فيه حجة؟ فيه قولان. انظر: رفع النقاب القسم ٢/٥٦١.
صحح الطوفي كلام المصنف الآنف الذكر وقال: إنه صحيح وإنْ نفر منه بعض من لا يفهمه أو من يفهمه بادي الرأي. انظر: شرح مختصر الروضة ٣/١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>