للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك التخيير بين الواجب وغيره ليس نسخاً (١) ؛ لأنه إذا قيل لك: لِمَ لا تتخير بين صلاة الظهر وصدقة درهم؟ تقول (٢) : لأن البدل لم يشرع، فيشير (٣) إلى عدم المشروعية، وعدم المشروعية حكم عقلي، فمتى خُيِّر* بين واجب وغيره فقد رفع عدم مشروعية ذلك البدل فقط.

ووجوب الصوم إلى الشفق يرفع عدم الوجوب من المغرب إلى الشفق، فهو حكم عقلي (٤) ، وبهذه التقريرات (٥) يتضح لك ما هو نسخ مما ليس بنسخ، فتأملها.

[حكم النقص من النص]

ص: ونقصان العبادة نسخ (٦)

لما سقط دون الباقي إن لم يتوقَّفْ (٧) ، وإن توقَّف


(١) مثَّل له كثير من الأصوليين كما لو أوجب الله غسل الرجلين ثم خير بين الغسل والمسح على الخفين، فلا يكون هذا التخيير نسخاً لوجوب الغسل، لأن عدم التخيير، إنما هو لعدم مشروعية المسح، وعدم المشروعية حكم عقلي. انظر: المحصول للرازي ٣ / ٣٦٨، الإحكام للآمدي ٣ / ١٧٤، رفع النقاب للشوشاوي القسم ٢ / ٤٥٥.
(٢) في ن: ((يقول)) .
(٣) ساقطة من ن.
(٤) انظر: نفائس الأصول للمصنف ٦ / ١٥٢٤.
(٥) في ن: ((التقديرات)) .
(٦) هذه مسألة: ((النقص من النص)) وقد كتب فيها شيخنا الدكتور عمر بن عبد العزيز بحثاً بديعاً فريداً
فانظره. قال الشيخ حلولو: ((أشار غير واحد إلى أن الخلاف الذي في الزيادة جار في نقص جزء من العبادة أو شرطها)) . التوضيح شرح التنقيح ص ٢٧٢.

محل النزاع: اتفق العلماء على أن نسخ ما لا تتوقف العبادة عليه يكون نسخاً له دون باقي العبادة، كما لو قال: أوجبت عليك الصلاة والزكاة، ثم قال: نسخت الزكاة. كما اتفقوا على أن نسخ جزءٍ من العبادة - كركعةٍ من ركعاتها أو شرطٍ كالطهارة أو استقبال القبلة - يكون نسخاً لذلك الجزء أو الشرط. ثم اختلفوا في باقي العبادة - المنقوص منها - هل يتناوله النسخ أم يبقى على ما كان عليه من الحكم السابق؟ اختلفوا على أقوالٍ ثلاثة، ذكر المصنف قولين هما، الأول: أن نقصان العبادة ليس نسخاً لأصلها مطلقاً، والثاني: نسخ جزء العبادة نسخ لها دون الشرط. أما الثالث: فهو إن نقصان العبادة يكون نسخاً لأصلها وهو مذهب بعض المتكلمين وبعض الحنفية. انظر: الفصول في الأصول للجصاص ٢ / ٢٨٠، المعتمد ١ / ٤١٤، العدة لأبي يعلى ٣ / ٨٣٧، إحكام الفصول ص ٤٠٩، شرح اللمع للشيرازي ١ / ٥٢٤، المستصفى ١ / ٢٢١، المحصول للرازي ٣ / ٣٧٣، تحفة المسؤول للرهوني القسم ٢/ ٥٤٥، شرح الكوكب المنير ٣ / ٥٨٥، تيسير التحرير ٣ / ٢٢٠، فواتح الرحموت ٢ / ١١٧، منهج التحقيق والتوضيح لمحمد جعيط ٢ / ١١٩.
(٧) في متن هـ: ((تتوقف)) وهو خطأ، لأن الفاعل ضمير عائد على " الباقي " وهو مذكر. انظر: شرح قطر الندى لابن هشام ص ١٧٠. والمعنى المراد من العبارة هو: أن نسخ بعض العبادة وبقاء بعضها الآخر إن لم تتوقف صحة الباقي على الساقط فلا يكون نسخ الساقط نسخاً للباقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>