للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} (١) والعدل التسوية (٢) ، وعدم الاختلاف إحسان للخلق بتوفير خواطرهم عن الفحص عن (٣) الفكرة في مدارك (٤) الفروق.

حجة المنع: أن بعض الدورانات ليس بحجة، فوجب أن يكون الجميع ليس بحجة إلا ما أجمعنا عليه، أما أن بعض الدورانات ليس بحجة، فلأن الجوهر (٥) والعَرَض (٦)

دائران كلُّ واحدٍ منهما مع (٧) الآخر وليس أحدهما علة للآخر، والحكم دائر مع السبب (٨) وشرطه وجزء علته، وليس أحدهما علة للآخر، وحركات الأفلاك دائرة مع الكواكب وليس أحدهما علة للآخر. وأما أنه إذا كان كذلك وجب ألاَّ يكون فيها شيءٌ حجةً، فلأنه لو كان حجة للزم النقض بذلك البعض الآخر والنقض خلاف الدليل.

والجواب: أنا لا ندعي أن الدوران حجة إلا بوصف كونه لا يُقطع بعدم عليَّته (٩) ،


(١) سورة النحل، من الآية: ٩٠.
(٢) تتمة الاستدلال: ولا تسوية إلا بجعل الدورانات كلها دليل عِلِّيَّة المدار (الوصف) . انظر: الحاصل لتاج الدين الأرموي (٢ / ٨٩٧) . لكن المصنف ضعَّف الاستدلال بالآية في موضعين من كتابه: نفائس الأصول، في: (٨ / ٣٣٤٣) ، وفي (٨ / ٣٣٥٠) ، فلا أدري لماذا أتى به هنا؟! قال في الموضع الثاني: ((وأما التمسك بالآية ففي غاية الضعف، ولولا صدوره عن مثله - (يريد الرازي) - وولوع أبناء الزمان بأمثاله لكان الإعراض عنه أولى من الاعتراض عليه، إذْ يعزُّ على أهل النظر السديد صَرْفُ الزمان إلى ما يَبْدَهُ للعاقل فساده، لكني أقول مكرهاً لا بطلاً: تفسير العدل بالتسوية المطلقة ظلم؛ لأنه يلزم منه جهل كلِّ إنسان، وحِمَاريّة كل حيوان ... وحلِّ كل مأكول ... وبطلان كل دِيْن ... إلى غير ذلك مما لا يُعَدُّ كثرةً، لأن بعضها كذلك عملاً بالآية ... )) وانظر: الكاشف عن المحصول ٦ / ٤٠٩.
(٣) في ق: ((على)) . ولم أجد فيما اطلعت عليه أن " فحص " يتعدَّى بـ" على ".
(٤) في ن: ((مدار)) وفيها نقص.
(٥) الجوهر: هو ما قام بنفسه، سواء كان بسيطاً لا يتجزأ أصلاً، وهو الجوهر الفرد. أو مركباً وهو الجسم الطبيعي. وقيل غير ذلك. انظر: حاشية الصبان على شرح السلم للملوي ص ٧١، التعريفات
ص ١١٢.
(٦) العرض: هو ما لا يقوم بذاته، أو هو الوجود القائم بالجوهر، وقيل: هو الكلي الخارج عن الماهية.

انظر: حاشية الصبان على شرح السلم للملوي ص ٧٠، الكليات ص ٦٢٥.
(٧) في س: ((على)) وهي غير مناسبة هنا.
(٨) ساقطة من ن، س.
(٩) عبارة المصنف غير موفية بالمطلوب. وأوضح منها عبارة الحاصل (٢ / ٨٩٩) ((أنا لا ندعي علية المدار مطلقاً، بل حيث لا يُعلم عدم عليته قطعاً)) . وعبارة التحصيل (٢ / ٢٠٥) : ((أنا ندعي إفادة ظن العلية في دورانٍ لم يقم عليه دليل عدم العلية، فسقط ما ذكرتم)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>