للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشهاب القرافي لم تكن علاقته بالمحصول وليدة أيام، بل امتدَّت جذورها إلى سنوات طويلة، فقد اختصره في باكورة حياته العلمية في " تنقيح الفصول "، ثمَّ علَّق على " المنتخب " وشرح المحصول في موسوعته العجاب " نفائس الأصول ". وأخيراً اختصر شرحه هذا في " شرح تنقيح الفصول ". وهكذا تعامل القرافي مع المحصول، فقد عايشه أدواراً وأطواراً، حتى أكسبَتْهُ هذه المعايشة الدؤوبة مهارةً فائقة، ودُرْبةً متقنةً، وخبرةً واسعة في علم الأصول.

ثانياً: أصالة مصادر الكتاب وعراقتها التي استقى منها معلوماته، ومادته كتابه، في شتَّى الفنون ابتداءً بكتب الأصول، ومروراً بالتفاسير وكتب الحديث والفقه واللغة والنحو، وانتهاءً بالكلام والمنطق. وقد سبقت الإشارة إلى هذه المصادر في المبحث الخامس (١) .

ثالثاً: احتواء كتابه على نقولٍ كثيرةٍ لم تكن ميسورة الحصول، بل يصعب إليها الوصول، وهي نقولات يُفتقر إليها نظراً لتعذُّر الوقوف على مصادرها الأصلية، وهو بعمله هذا حفظ لنا بعضاً من هذه المفقودات النفيسة، كنقولاته عن: الملخَّص والإفادة كليهما للقاضي عبد الوهاب البغدادي، والأوسط لابن برهان، وشرح البرهان للمازري، والجدل للحصكفي، وغيرها.

ولا ننسى - ونحن في مقام التذكير بأهميَّة الكتاب وقيمته العلمية - أن نعزِّز هذه القيمة والأهمية بنقولاته عن مشايخه وفضلاء عصره التي استفادها مشافهةً منهم، وبثَّها في ثنايا كتابه كالعز بن عبد السلام، والخسروشاهي، وغيرهما.

رابعاً: إسهام الكتاب في خدمة أصول المالكية مع الاعتناء بآراء الإمام مالك وأصحابه الأصوليين، ولا سيما المتقدمين منهم، كابن قاسم، وأشهب، وسحنون. كما يُعنى بإبراز آراء فحول الأصوليين من رجال المذهب المالكي، كأبي الفرج، وأبي بكر الأبهري، وابن القصار، والقاضي أبي بكر الباقلاني، والقاضي عبد الوهاب البغدادي، وأبي الوليد الباجي، وابن رشد (الجد) ، والمازري، والقاضي عياض، والأبياري. وبعض هؤلاء لا يُعرف له كتاب مطبوع يمكن الوقوف على آرائه فيه.


(١) انظرها فيه: ص ٩٥ وما بعدها من القسم الدراسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>