للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أو آخران من غيركم (١) } ، فالجمهور يقولون من غير تلك القبيلة، وأبو حنيفة يقول من غير دينكم، والمسألة مُسْتَقْصَاة في الفقه والخلاف (٢) .

[حكم رواية المبتدع]

وأما المبتدعة فقد قَبِل البخاري (٣) وغيره روايتهم كعَمْرو بن عُبيد (٤)

وغيره من المعتزلة


(١) الآية ١٠٦ من المائدة، وأولها: {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت ... } .
(٢) أخطأ المصنف في حكاية خلاف أبي حنيفة مع الجمهور في مسألة شهادة الذمي على المسلم في الوصية في السفر، وأصاب في حكاية خلافه مع الجمهور في مسألة شهادة بعضهم على بعض. أما المسألة الأولى، فالخلاف فيها مع الإمام أحمد، فقد أجازها وقال به بعض الصحابة والتابعين. انظر: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه صالح (٢/٢١٨) ، كشاف القناع للبهوتي (٦ / ٥٢٨) . ومما يدل على أنه ليس مذهباً للأحناف ما ذكره الجصاص في أحكام القرآن (٢/٦١٧) بانتساخ حكم شهادة غير المسلم على المسلم الوارد في قوله تعالى: {أو آخران من غيركم} [المائدة: ١٠٦] بآية {واستشهدوا شهيدين من رجالكم..} [البقرة: ٢٨٢] ..وأما المسألة الأخرى، فقال المرغيناني "وتقبل شهاد أهل الذمة بعضهم على بعض وإن اختلفت مللهم" شرح فتح القدير لابن الهمام ٧/٣٩٠، وانظر الخلاف في المسألتين في: المبسوط للسرخسي ١٦/١٣٣، بدائع الصنائع للكاساني ٩ / ٥٨، الذخيرة للقرافي ١٠/٢٢٤، وقد عزا القرافي في ذخيرته المسألة الأولى للإمام أحمد والثانية لأبي حنيفة، المغني لابن قدامة ١٤ / ١٧٠، ١٧٣، الحاوي للماوردي ١٧ / ١٠٥، إيثار الإنصاف في آثار الخلاف لسبط ابن الجوزي ص٣٤١، جامع البيان للطبري مجلده / جزء ٧ / ١٤٠.
(٣) هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجُعْفي مولاهم، نسبةً إلى قبيلة جُعْفي بن سعد، إمام الحفاظ، صاحب "الجامع الصحيح المسند ... " الذي تلقته الأمة بالقبول، وله: الأدب المفرد (ط) ، التاريخ الكبير (ط) وغيرهما توفي عام ٢٥٦ هـ، له ترجمة حافلة في: هداية الساري مقدمة فتح الباري لابن حجر، وانظر: وفيات الأعيان ٤ / ١٨٨، تذكرة الحفاظ ٢/٥٥٥.
أما قبول البخاري رواية بعض المبتدعة، فهذا واقع لا شك فيه، لكن يجمعهم الصدق والضبط والاتقان. وقد توسَّع الحافظ ابن حجر في الجواب عن كل راو تُكُلِّم فيه وهو من رجال البخاري. انظر: هدي الساري ص (٥٤٣) ، البدعة وأثرها في الدراية والرواية للشيخ عائض القرني ص ١٨٠.
(٤) هو أبو عثمان عَمْرو بن عُبيد بن باب التميمي مولاهم، البصري. تلميذ الحسن البصري وصاحب واصل بن عطاء. قال ابن حجر فيه "المعتزلي المشهور، كان داعية إلى بدعته" تقريب التهذيب ص (٧٤٠) ، عُرف بالزهد والعبادة، له مقالات شنيعة. روى عن الحسن وأبي العالية وأبي قلابة، وروي عنه الأعمش والحمَّادان وابن عيينة وغيرهم. قال أبو حاتم فيه: متروك الحديث. وقيل عنه: يكذب في الحديث، وقال النسائي عنه: ليس بثقة ولا يكتب حديثه.. إلى آخر ما قيل فيه. ت عام ١٤٣هـ انظر: طبقات المعتزلة ص٣٥، تهذيب الكمال للمزي ٢٢/١٢٣، سير أعلام النبلاء ٦/١٠٤.

تنبيه: لم يَرْوِ البخاري أي حديث عن عمرو بن عبيد، ولم يذكره ابن حجر في هدي الساري ص (٥٤٣) في سياق أسماء من طُعن فيه من رجال البخاري، ولا ذكره السيوطي في تدريب الراوي (١/٣٨٨) في سرد أسماء من رُمِي ببدعةٍ ممن أخرج لهم البخاري ومسلم، ولا جاء ذكره في: رجال الصحيحين للباجي، فلعل المصنف أراد غير البخاري ممن روى لعمرو بن عبيد، ولم أجد أحداً قبل روايته وقد جرَّحوه

<<  <  ج: ص:  >  >>