المقصود، أو سوق الأدلة، مع حرصه على الإحاطة بأشهر ما كُتِب في الموضوع مما يحتاجه المطالع.
فالحاشية لم تقتصر على خصوص المواضع التي عُنيتْ بها، بل تُقدِّمُ مع ذلك جملةً صالحة مما أنتجتْهُ قرائح رجال هذا الفن العظيم. والمحشِّي في هذا يحشد نقولات كثيرة في حاشيته من شرح الإسنوي ومنهاج البيضاوي وغيرهما.
ولكن مما يلاحظ على الحاشية ترك مصنّفها التعليق على مواضع كثيرة من الكتاب، وقفزه لأبواب دون تحشية، ولعلَّ هذا الترك لوضوح المسألة عنده، أو لعدم الحاجة إلى ذلك، والله أعلم.
رابعاً: حاشية التوضيح والتصحيح لمشكلات كتاب التنقيح للشيخ محمد الطاهر بن عاشور
قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في مقدمة حاشيته: التوضيح والتصحيح: ((أما بعد: فدونك - أيها الخاطب - مخدَّراتِ المعاني من حجابها، والآتي فصول أصول الفقه من أبوابها، دُرراً تزين عندك جيدها، ومفاتيحَ تحلُّ عنك ما ارتجّ وصيدها (١) ، ونبراساً يضيء لك المسلك الصريح من مسالك كتاب " التنقيح "، فإنه جمع فوائد عزَّت عن أن تُسام، واستوعب مسائل أصول الفقه بما ليس وراءه للمستزيد مرام، على أنه صعب الثنايا، شديد الخبايا، محتاجٌ لرفع حجابه، وتبيان مرامي شهابه، فكثيراً ما تألَّقت منه بروق الإشكال ليلاً، وأجلبت كتائبه على الناظرين من الحيرة رَجِلاً وخيلاً، وكنتُ قد انْتُدِبتُ لتدريسه، والتقاط ما تناثر من نفيسه، فلمَّا سهَّل الله إتمامه،. . . وجدْتُ ما علّقتُه عليه يصلح أن يبرز تأليفاً مستقلاً، ويحل من نفوس الطالبين محلاً، فإن نفوسهم لم تزل تتقصَّى آثار شرائده، وتتوخّى تحصيل فوائده، فتحول دون أمانيهم قلاقةُ تركيبه، كما تحول دون الخيل شراسه حبيبه، وعسى أن يجعلوا هذا التعليق حجر الأساس، فيشيِّدوا عليه من صروح المعارف ما يَبْهتُ الناس.
وأول ما صَررَفتُ إليه الهمَّة في هاته الحاشية هو: تحقيق مراد المصنف رحمه، ثم تحقيق الحق في تلك المسائل، مع تمثيلها بالشواهد الشرعية، وتنزيلها على ما ليس
(١) الوصيد: عتبة الباب. المعجم الوسيط مادة " وصد ".