للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجة القائلين بأن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التي لا قُرْبة فيها أنها على الإباحة

حجة الإباحة فيما لا قُرْبة فيه: أن الأصل أن الطلب يتبع مصالح القربات، ولا قُرْبة، فلا مصلحة، فتعيَّنت الإباحة، لعصمته صلى الله عليه وسلم من المنهي (١) عنه، و (٢) لأنه خلاف ظاهر حاله (٣) .

حجة القائلين بأن أفعاله صلى الله عليه وسلم فيما لا قُرْبة فيها على الندب

حجة الندب: ظواهر الأوامر الدالة على جميع ما أتى به كما (٤) تقدمت (٥) .

[إقرار النبي صلى الله عليه وسلم]

ومثال إقراره صلى الله عليه وسلم الدالِّ على الجواز: أنه صلى الله عليه وسلم مَرَّ في مَخْرجه للهجرة برَاعٍ، فذهب أبو بكرٍ الصدِّيق رضي الله عنه فأتاه (٦) منه بلَبَنٍ (٧) ، فلم يُنْكِر (٨) عليه، فدلَّ ذلك على جوازه، ولأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بُعث والناسُ يأكلون أنواعاً من الملاذِّ من لحوم الأنعام، والفواكه، وغيرها، وكذلك المراكب [وغيرها] (٩) ولم ينكرها صلى الله عليه وسلم، فدلَّ ذلك على إباحتها إلاَّ ما دلَّ الدليل على مَنْعه (١٠) .


(١) في ق: ((النهي)) .
(٢) في ق: ((أو)) بدلاً من ((و)) ، وفي ن: ((أولاً و)) .
(٣) توضيح هذه الحجة هو: أن طلب الشارع لشيءٍ ما - سواء طلباً جازماً فيكون واجباً، أو غير جازمٍ فيكون مندوباً - إنما يحصل حيث وجدت القربات، وأفعاله صلى الله عليه وسلم كالأكل والشرب ليست قربة، فلا تكون مطلوبة، وهي ليست منهياً عنها أيضاً لعصمته، ولأنه خلاف ظاهر حاله في تجنب المحرمات والمكروهات فلم تبق إلا الإباحة.
(٤) في س: ((مما)) .
(٥) تقدمت هذه الأدلة ص (٦) منها قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: ٧] ، وقوله:
{فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١] ، وغيرها. فظاهر الأمر عموم اتباعه صلى الله عليه وسلم فيما فيه قربة وما لا قربة فيه، والظاهر في أفعاله التشريع؛ لأنه مبعوث لبيان الشرعيات. ولمزيدٍ من التفصيل في حجج الإباحة والندب مع المناقشات انظر: إحكام الفصول ص ٣٠٩، المحقق من علم الأصول لأبي شامة ص٤٥ وما بعدها. أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم د. محمد الأشقر ١/٢١٩-٢٤٩.
(٦) في س: ((فأتى)) .
(٧) الحديث فيه قصة طويلة، أخرجه البخاري (٢٤٣٩) ، (٣٦٥٢) ، ومسلم (٢٠٠٩) . انظر وجه إقراره صلى الله عليه وسلم في: شرح صحيح مسلم للنووي ١٨/١١٦، فتح الباري لابن حجر ٥/١١٨، ٧/١٢.
(٨) هنا زيادة ((ذلك)) في ق.
(٩) ساقط من ق.
(١٠) مسألة الإقرار وحجيته وشروطه وأنواعه، انظرها في: الإحكام لابن حزم ١ / ٤٧١، إحكام الفصول
ص ٣١٧، قواطع الأدلة ٢ / ١٩٦، الواضح في أصول الفقه لابن عقيل ٢ / ٢٤، الإحكام للآمدي ١/١٨٨، كشف الأسرار للبخاري ٣/٢٨٧، مفتاح الوصول ص ٥٨٤، شرح الكوكب المنير ٢/١٦٦، ١٩٤، تيسير التحرير لأمير بادشاه ٣/١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>