للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإمام الحرمين قد عمل في كتابه المسمى بالغِيَاثِيّ (١) أموراً وجَّوزها وأفتي بها، والمالكية بعيدون عنها [وجَسَر عليها وقالها] (٢) للمصلحة المطلقة (٣) ،

وكذلك الغزالي في شفاء الغليل (٤) مع أن الاثنين شديدان الإنكار علينا في المصلحة المرسلة (٥) .

[الاستصحاب]

الاستصحاب (٦) : ومعناه أن اعتقاد كون الشيء في الماضي أو الحاضر

يوجب ظن ثبوته في الحال أو الاستقبال (٧) . فهذا الظن عند


(١) هو كتاب شهير في موضوع فقه السياسة الشرعية، ألّفه الجويني لغياث الدولة نظام الملك الحسن الطُّوسي
(ت: ٤٨٥ هـ) ، وزير السلطان السلجوقي أَلْب أَرْسلان. ويُسمّى أيضاً بـ: غياث الأمم في التياث الظُّلَم. مطبوع بتحقيق د. عبد العظيم الديب، مكتبة ابن تيمية - القاهرة - ط (٢) - ١٤٠١ هـ.
(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من ق.
(٣) ذكر المصنف أمثلة منها في كتابه: نفائس الأصول ٩ / ٤٠٩٦ - ٤٠٩٨، وانظرها مبثوثةً في كتاب

" الغياثي " في الصفحات: ٢٨٣، ٢٨٨، ٣٠٨، ٣١٠، ٣١٢.
(٤) انظر أمثلة عليها في الصفحات الواقعة بين (٢١١ - ٢٦٦) . وكتاب: " شفاء الغليل في بيان الشبه والمخيل ومسالك التعليل " كتاب فريد في بابه، عظيم الفائدة، أقامه في بيان معنى القياس وأركانه مع تركيزه على مباحث العلة. مطبوع بتحقيق د. حمد الكبيسي - مطبعة الإرشاد - بغداد - ١٣٩٠ هـ.
(٥) كان الجويني والغزالي ممن نسبا إلى الإمام مالك الإفراط في أخذه بالمصلحة المرسلة، حتى أخرجاه عن حدِّ الاعتدال بزعمهم. انظر: البرهان ٢ / ٧٢١ وما بعدها، المستصفى ١ / ٤٢٢، شفاء الغليل ص ٢٢٨ وما بعدها. قال الشاطبي: ((حتى لقد استشنع العلماء كثيراً من وجوه استرساله (مالك) زاعمين أنه خلع الربقة، وفتح باب التشريع، وهيهات ما أبعده من ذلك! رحمه الله)) الاعتصام (٢ / ١٥٨) . ونقل الزركشي عن القرطبي قوله: ((وقد اجترأ إمام الحرمين وجازف فيما نسبه إلى مالك من الإفراط
في هذا الأصل. وهذا لا يوجد في كتاب مالك، ولا في شيء من كتب أصحابه)) البحر المحيط
(٨ / ٨٤) . ونقل حلولو عن الأبياري قوله: ((ما ذهب إليه الشافعي هو عين مذهب مالك، وقد
رام الإمام (إمام الحرمين) التفريق بين المذهبين، وهو لا يجد إلى ذلك سبيلاً أبداً ... )) الضياء اللامع
٣ / ٤٣.
(٦) الاستصحاب لغة: الملازمة والمقارنة، واستصْحَبْتُ الكتاب وغيره: جعلتُه في صحبتي. انظر مادة
" صحب " في: أساس البلاغة، لسان العرب، المصباح المنير. وانظر ما قاله المصنف في بيان الحقيقة اللغوية للاستصحاب في: نفائس الأصول ٩ / ٤٠١٤ - ٤٠١٥.
(٧) انظر تعريفات أخرى له في: تخريج الفروع على الأصول للزنجاني ص ١٧٢، تقريب الوصول ص ٣٩١، إعلام الموقعين ١ / ٣١٥. وما ذكره المصنف هنا هو أحد أنواع الاستصحاب، ويسمى استصحاب ثبوت الحكم الشرعي، كاستصحاب بقاء المِلْك بناءً على عقد صحيح في بيْع أو هبة، وكاستدامة حِلّ النكاح ... إلخ، ويُعبِّر عنه بعضهم: بأن الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت خلافه. انظر الاستصحاب وأنواعه وحكمها في: العدة لأبي يعلي ٤ / ١٢٦٢، الإشارة للباجي ص ٣٢٢، أصول السرخسي ٢ / ٢٢٤، المستصفى ١ / ٣٧٨، ميزان الأصول ٢ / ٩٣٢، مفتاح الوصول ص ٦٤٧، الإبهاج ٣ / ١٦٨، البحر المحيط للزركشي ٨ / ١٧، شرح الكوكب المنير ٤ / ٤٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>