(٢) هذا الفصل في بيان الشروط المختلف فيها؛ هل تعتبر هذه الرواية أو الراوي أم لا؟. قال الرازي في المحصول (٤/٤١٧) "والضابط في هذا الباب: كل خصلة لا تقدح في غالب الظن بصحة الرواية ولم يعتبر الشرع تحقيقها تعبداً، فإنها لا تمنع من قبول الخبر". (٣) هذا النقل عن الإمام من المحصول (٤/٤٢١) بمعناه، ولفظُه: "والضابط: أنه حيث يكون قول الأصل مُعادِلاً بقول الفرع تعارضا، وحيث ترجح أحدهما على الآخر فالمعتبر هو الراجح". (٤) يمكن تقسيم مسألة اختلاف الأصل (الشيخ) والفرع (التلميذ) إلى حالتين، الأولى: حالة الجزم، بأن يجزم الأصل بتكذيب الفرع، كأن يقول: ما حدثتك به، ونحو ذلك. وحكمها: حكى الآمدي في الإحكام (٢/١٠٦) ، وابن الحاجب في منتهى السول ص (٨٤) وغيرهما الاتفاق على ردّ رواية الفرع. فتخصيص المصنف الحنفية بالذكر في رد رواية الفرع فيه قصور من جهة أن المصنف لم يفصح عن نوع عدم قبول راوي الأصل الحديث، هل كان على سبيل الجزم والجحود والتكذيب أم على سبيل الشك والتوقف والنسيان؟ فالأول حُكي فيه الاتفاق على رد رواية الفرع، وليس خاصاً بالحنفية، علماً بأن السيوطي في تدريب الراوي (١/ ٣٩٥) نقل في المسألة أربعة أقوال؟ الأول: الرد وهو مختار الأكثرين، الثاني: القبول، اختاره السمعاني، وعزاه الشاشي للشافعي، الثالث: تكذيب الأصل لا يقدح في صحة الحديث، إلا أنه لا يجوز للفرع أن يرويه عن الأصل، جزم به الماوردي والروياني، الرابع: أنهما يتعارضان فيُصار إلى ترجيح أحدهما، اختاره الجويني. الحالة الثانية: حالة الشك، بأن يقول الأصل، لا أذكره، لا أعرفه، دون أن يجزم بعدم تحديثه، فجماهير الأصوليين والمحدثين على قبول الحديث، وبعض الحنفية ومنهم الكرخي، وبعض المحدثين يردُّون الحديث..انظر المسألة ومذهب الجمهور ومذهب الكرخي في: العدة لأبي يعلى ٣/٩٥٩، إحكام الفصول ص٣٤٦، التلخيص للجويني ٢/٣٩٢، أصول السرخسي ٢/٣، قواطع الأدلة ٢/٣٥٥، كشف الأسرار للنسفي ٢/٧٥، البحر المحيط للزركشي ٦/٢٢١، التوضيح لحلولو ص٣١٦، رفع النقاب القسم ٢/٦٩١، شرح الكوكب المنير ٢/٥٣٧، فواتح الرحموت ٢/٢١٨، الأقوال الأصولية للإمام الكرخي لفضيلة شيخنا د. حسين الجبوري ص٧٨، الكفاية في علم الرواية للبغدادي ص٤١٨، شرح شرح نخبة الفكر للقاري ص٦٥١.