للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسأل (١) عليه الصلاة والسلام الجارية (٢) ((أين الله؟)) فقالت: في السماء. فقال للسائل: ((أعْتِقْها فإنها مؤمنة)) (٣) ، وهذا كله يدل على عدم اشتراط النظر.

أجاب الجمهور عن هذه الصور (٤) : بأن ذلك كان من أحكام أوائل الإسلام لضرورة المباديء. أما بعد تقرُّر الإسلام فيجب العمل بما (٥) ذكرناه من موجب الآيات، ولذلك كان (٦) عليه الصلاة والسلام يكتفي في قواعد الشرع والتوحيد بأخبار الآحاد، فيبعث الواحد إلى الحي من أحياء العرب يعلمهم القواعد والتوحيد والفروع، وقد لا يفيد خبره إلا الظن غالباً، ومع ذلك فيُكتفى به في أول الإسلام، بخلاف (٧) الآن لا يُكتفى بمثل هذا في الدين، ولا يَحِلُّ أن يظن الإنسان نفي الشريك والوحدانية مع تجويز النقيض.

[التقليد في الفروع]

وأما التقليد في الفروع فحجة الجمهور قوله تعالى {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (٨) فأمرهم بالحذر عند إنذار علمائهم، ولولا وجوب التقليد لما وجب ذلك، ولقوله تعالى: {أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} (٩) قال المفسرون: هم العلماء، وقيل: ولاة الأمر والنهي من الملوك وغيرهم (١٠) ، أوجب الطاعة وهو وجوب التقليد (١١) .


(١) في س: ((قال)) .
(٢) في س: ((للجارية)) .
(٣) حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم للجارية أخرجه مسلم (٥٣٧) وغيره من حديث معاوية بن الحكم السلمي، وفيه أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم سألها: ((من أنا؟ قالت: أنت رسول الله ... )) إلخ.
(٤) في ق: ((الصورة)) والواقع أنها صور.
(٥) في س: ((عما)) وهو تحريف.
(٦) في ن: ((قال)) وهو خطأ؛ لعدم مناسبتها للسياق.
(٧) ساقطة من ق
(٨) التوبة، من الآية: ١٢٢
(٩) النساء، من الآية: ٥٩، وصدرها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ}
(١٠) ذكر ابن القيم بأن القولين ثابتان عن الصحابةرضي الله عنهم في تفسير الآية، وقال بأن الصحيح أنها متناولة للصنفين جميعاً، فإن العلماء ولاة الأمر حفظاً وبياناً وذبّاً عنه وردّاً على من ألْحد فيه وزاغ عنه ... والأمراء ولاة الأمر قياماً وعنايةً وجهاداً وإلزاماً للناس به وأخذهم على يد من خرج عنه. انظر: إعلام الموقعين ٢/٢١٦، بدائع التفسير الجامع لتفسير الإمام ابن قيم الجوزية جَمْع/ يُسري السيد محمد ٢/٢٩. وانظر: أحكام القرآن لابن العربي ١/٥٧٣، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٥/٢٥٩، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٢/٣٠١
(١١) في ق: ((التقليل)) وهو تحريف

<<  <  ج: ص:  >  >>