للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا عجب بعد هذا كله أن دعا القرافي إلى تعلم العلوم المساعدة للشريعة من حساب وهندسة وفلك وطب وفيزياء وكيمياء وغيرها. فها هو يقول في كتابه

" الفروق " (٤ / ١١) : ((وكم يخفي على الفقيه والحاكم الحق في المسائل الكثيرة بسبب الجهل بالحساب والطب والهندسة، فينبغي لذوي الهمم العليَّة ألا يتركوا الاطلاع على العلوم ما أمكنهم.

ولم أرَ في عُيوبِ الناسِ عَيْباً ... كنَقْصِ القَادِرين على التَّمَامِ)) (١)

[* ثناء العلماء عليه:]

... بعد الاطلاع على مكانته العلمية السامقة ومنزلته الرفيعة الشاهقة، ماذا عسى أهل العلم أن يقولوا فيه؟

... إليك بعض ما قيل فيه رحمه الله تعالى (٢) :

... الإمام، العالم، الفقيه، الأصولي، العلامة الفهامة، وحيد دهره، وفريد عصره، نسيج وحده، وثمر سعده، شيخ الشيوخ، وعمدة أهل التحقيق والرسوخ، ذو العقل الوافي، والذهن الصافي، الشهاب القرافي.

الإمام الحافظ، والبحر اللافظ، المفوَّه المنطيق، الآخذ بأنواع الترصيع والتطبيق، كان حسن السمت والشكل، وكان مُحْرِزاً قَصَب السَّبْق، جامعاً للفنون، وكان مُرْتَحل العلماء من الأصقاع النائية.

كان إماماً بارعاً في الفقه، والأصول، والعلوم العقلية، انتهت إليه رئاسة الفقه على مذهب مالك، دلَّتْ مصنفاته على غزارة فوائده، وأعربتْ عن حسن مقاصده، جمع فأوعى، وفاق أضرابَه جِنْساً ونوعاً.

... كان أحسن مَنْ ألقى الدروس، وحلَّى مِنْ بديع كلامِه نُحوْرَ الطروس، إن عَرَضتْ حادثة فَبِحُسْن توضيحه تزول، وبعَزْمته تحول، فَلِفَقْده لسانُ الحال يقول:


(١) البيت من بحر الوافر، وهو لأبي الطيب المتنبي. انظر: شرح ديوان المتنبي للبرقوقي ٤ / ٢٧.
(٢) انظر: محصل هذه النعوت والأوصاف في: الديباج المذهب ص ١٢٨، نيل الابتهاج بتطريز الديباج للتنكتي ص ٣٢٥، شجرة النور الزكية ١ / ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>