للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هاهنا حسن التنظير بالشافعي رضي الله عنه، فإن الإنسان إذا وافقه في مسألة لمدركٍ فقد اعتقد صحة ذلك المدرك، فيلزمه أن يتبعه في فروع ذلك المدرك كلها. أما إذا كانت مدارك الشافعي رضي الله عنه مختلفةً (١) كما هو الواقع فلا يلزم من موافقته في مسألة موافقته في جميع المسائل؛ لأن مدرك تلك المسائل غير مدرك تلك المسألة، فكذلك الأمة توافق بعضها في بعض مداركه، ولا توافق في البعض الآخر، فلا جَرَم صحَّ التفريق فيما قالوا فيه بعدم الفصل إذا اختلفت المدارك.

قال القاضي عبد الوهاب في " الملخص " (٢) : إن عيَّنوا الحكم وقالوا لا يُفْصَل (٣) حَرُم الفَصْل، وإن لم يُعيِّنوا ولكن أجمعوا عليه مجْملاً فلا يعلم تفصيله إلا بدليلٍ غير الإجماع، فإنْ دل الدليل على أنهم أرادوا مُعيناً تعيَّن أو أرادوا العموم تعيَّن العموم، وإن لم يدل دليل حصل العموم أيضاً، فإنَّ ترك البيان مع الإجمال (٤) دليل التعميم، ومتى كان مدرك أحد الصِّنْفين مختلفاً أو جاز أن يكون مختلفاً جاز التفصيل بين المسألتين.

إحداث قول ثالث، والفصْل فيما جمعوا بينهما

ص: وإذا اختلف أهل (٥) العصر الأول على قولين [لم يَجُزْ] (٦) لمن بعدهم إحداث قولٍ ثالثٍ عند الأكثرين، وجوزه أهل الظاهر (٧) . وفصَّل الإمام فقال: إنْ لزم منه خلاف ما أجمعوا عليه امتنع وإلا فلا، كما قيل: للجدِّ كل المال، وقيل: يقاسم الأخ، فالقول بجعل المال كلِّه للأخ [مناقض للأول] (٨) . وإذا أجمعت (٩) الأمة


(١) في ن: ((مخلفة)) وهو تحريف.
(٢) انظر قوله في: البحر المحيط للزركشي ٦ / ٥٢٢، وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية إليه في المسودة ص ٣٢٨. وانظر: شرح الكوكب المنير ٢ / ٢٦٩.
(٣) في ق: ((فصل)) .
(٤) في ق: ((الإجماع)) وهو تحريف.
(٥) ساقطة من ق.
(٦) في متن هـ: ((فلا يجوز)) .
(٧) هنا زيادة: ((والحنفية)) في متن هـ خلت منها جميع نسخ المتن والشرح. وهذا مذهب بعض الحنفية. انظر هامش (٤) ص (١٢٩) .
(٨) في ق: ((يناقض الأول)) .
(٩) في ن، متن هـ: ((اجتمعت)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>