للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرهم (١) ، نظراً إلى أنهم من أهل القبلة من حيث الجملة، وردَّها غيرُهم لأنهم إما كفرة أو فسقة (٢) ، وهو مذهب مالك (٣) رحمه الله لقوله تعالى: {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة} (٤) وهؤلاء إما فسقة أو كفرة (٥) .

[اشتراط العدالة في الراوي]

والعدالةُ شَرْطٌ: لقوله تعالى: {ذوى عدل منكم} (٦) مع قوله تعالى: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} (٧) فهذا مطلق وذاك مقيد، والمطلق يحمل


(١) في ق: ((وغيره)) .
(٢) ضابط البدعة المكفرة هو: من أنكر أمراً مُجمعاً عليه متواتراً، ومنكر علم الله للأشياء حتى يخلقها، أو منكر علمه بالجزئيات، والقائلون بحلول الإلهية في علي رضي الله عنه أو غيره، ونسبة وقوع التحريف في القرآن، أو نسبة التهمة لعائشة رضي الله عنها، أو كبدع الجهمية، أو المنكرون لصفات الله تعالى، وأمثال ذلك مما كان التكفير به متَّفقاً عليه. وضابط البدعة المفسقة هو: ما لم يلزم منها تكذيبٌ بالكتاب ولا السنة، كبدع الخوارج والروافض غير الغلاة وبدع الطوائف المخالفين لأصول أهل السنة ولهم مستند في تأويلاتهم. انظر: شرح الكوكب المنير ٢/٤٠٢، هدي الساري لابن حجر ص٥٤٤، فتح المغيث للسخاوي ٢/ ٥٨ ـ ٧٠، معارج القبول للحكمي ٣/١٢٢٨.
(٣) انظر مذهبه في عدم قبول رواية المبتدع مطلقاً في: إحكام الفصول ص٣٧٧، التمهيد لابن عبد البر ١/٦٦، الكفاية في علم الرواية ص١١٦، ١٢٠.
(٤) الحجرات من الآية: ٦.
(٥) مسألة الرواية عن المبتدعة تعدَّدتْ مشارب العلماء في حكمها، فمِنْ متحفِّظٍ لا يرى النقل عنهم ألبتة، لأنهم موطن تهمة وزيغ، فتُمْنع الرواية عنهم مطلقاً سواء خفَّت بدعتهم أم غَلُظتْ، دَعَوا إلى بدعتهم أم لا. وفريق ثانٍ يرى ألاَّ مانع من الرواية عنهم ـ مهما كانت بدعتهم ما لم تكن مكفِّرة ـ ما داموا صادقين. وتوسط فريق ثالث، فلم يرَ فتح الباب لكل مبتدع مهما كانت حاله ولا إغلاقَه في وجه كل مبتدع ولو كان ثَبْتاً لا يدعو لبدعته. فعلى هذا قالوا: تقبل رواية المبتدع بدعةً مفسِّقةً لا مكفِّرةً إذا لم يكن داعية إليها..قال ابن الصلاح "وهذا المذهب أعدل المذاهب وأولاها، وهو قول الأكثر من العلماء" علوم الحديث ص (١١٤) . لكن لو قيل بقبول رواية المبتدع بدعةً مفسِّقةً سواء كان داعيةً أم لا مادام صادقاً ثبتاً لما بَعُدْنا عن الحقيقة، إذ العبرة في الرواية بصدق الراوي وأمانته. انظر المسألة في: نهاية الوصول (٧/٤٨٧٤) ، التقرير والتحبير ٢/٣١٩، شرح الكوكب المنير ٢/٤٠٢، رفع النقاب القسم ٢/٦٣٣، الكفاية في علم الرواية ص١٢٠، الباعث الحثيث ١/٢٩٩، المُوْقِظة في مصطلح الحديث للذهبي ص٦٦، شرح شرح النخبة ص٥٢١، البدعة وأثرها في الدراية والرواية للشيخ عائض القرني.
(٦) الطلاق، من الآية: ٦، وأولها {فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف، وأشهدوا ذوي عَدْل منكم وأقيموا الشهادة لله ... } الآية.
(٧) البقرة، من الآية: ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>