للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدلّ على أن ما عدا الأمر الجازم لا يجب الاتباع فيه (١) .

وأصل التخيير التسوية: فإذا خُيِّر بين ذلك الفعل وبين ما عُلِم وجوبه كان ذلك الفعل واجباً، أو خُيِّر بينه وبين مندوب كان ذلك الفعل مندوباً، أو بينه وبين ما عُلِمتْ إباحته كان ذلك الفعل مباحاً.

سؤال: قال بعض [فضلاء* العصر] (٢) : قول العلماء التخيير يقتضي التسوية (٣) يُشْكل، فإن (٤) رسول الله صلى الله عليه وسلم أتِيَ (٥) ليلة الإسراء بقَدَحين، أحدهما لَبَن والآخر خَمْر، وخُيِّر بينهما، فاختار اللَّبَن، فقال له (٦) جبريل عليه السلام لو اخْترتَ الخمر لغَوَتْ أمَّتُك (٧) . فالخمر موجِبٌ للإغواء، ومع ذلك خُيِّر بينه وبين موجب الهداية وهو اللَّبَن، وموجب الهداية مأمور به، وموجب الغَيّ والإغواء منهيٌ عنه، فقد وُجِد (٨) التخيير لا مع الاستواء في الأحكام.

جوابه: أنَّ الحكم الشرعي كان في القدحين واحداً (٩) ، وهو الإباحة، غير أنَّ الشيئين قد يستويان في الحكم الشرعي، ويكون* اختلافهما بحسب العاقبة (١٠) لا بحسب الحكم، كما انعقد الإجماع على جواز بناء ما شِئْنا من الدُّوْر وشراء ما شِئْنا من


(١) ذكر المصنف حديث بَرِيْرة ليدلِّل على مذهب ابن خَلاَّد في أن التأسي به صلى الله عليه وسلم لا يكون في غير العبادات كالمناكحات والمعاملات..فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما كان شافعاً في مسألة المراجعة لا آمراً.
(٢) ما بين المعقوفين في س: ((الفضلاء)) . ولم أقف على اسمه. وانظر السؤال وجوابه في: نفائس الأصول
٥ / ٢٣٣٩.
(٣) انظر قاعدة: التخيير واقتضائه التسوية أو عدمها في: الفروق للقرافي ٢ / ٨.
(٤) في ق: ((بأن)) .
(٥) في س: ((أوتي)) ولعلَّه تحريف؛ لأن روايات الحديث عبَّرت بالإيتاء وليس بالإتيان، ولأن ((أوتي)) يتعدى بنفسه لا بحرف الجرّ الباء. انظر مادة " أتي " في: لسان العرب.
(٦) ساقطة من ن.
(٧) الحديث رواه البخاري (٣٣٩٤) ومسلم (٢٧٢) كلاهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:» ... ثم أتِيْتُ بإناءين، في أحدهما لَبَن وفي الآخر خمر. فقال: اشْربْ أيَّهما شِئْتَ. فأخذْتُ اللَّبن فشربْتُه. فقيل: أخَذْتَ الفِطْرة، أمَا إنك لو أخذْتَ الخمر غَوَتْ أمتك «. واللفظ للبخاري.
(٨) في ن: ((وجب)) وهو صحيح أيضاً؛ لأن وجب بمعنى: ثبت. انظر مادة " وجب " في: لسان العرب.
(٩) في ن: ((واحدٌ)) وهو خطأ نحوي. والمثبت هو الصواب، لأن خبر ((كان)) منصوب.
(١٠) في س: ((القاعبة)) وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>