للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكلام صحيح عربي، وإذا لم يستلزم الشرط الإمكان لا يدل على الوقوع مطلقاً فضلاً عن الوقوع ببدل (١) .

سلمناه (٢) لكنه قد يكون رفعُ الحكم لغير بدل* خيراً للمكلف باعتبار مصالحه، والخِفَّة عليه، وبُعْده من الفتنة وغوائل التكليف (٣) .

[حكم النسخ بالأثقل]

ص: ونسخ الحكم إلى الأثقل (٤) خلافاً لبعض أهل الظاهر (٥)

كنسخ عاشوراء


(١) قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: ((وما أجاب به صاحب نشر البنود شرح مراقي السعود
(١ / ٢٨٦) تبعاً للقرافي من أن الجواب لا يجب أن يكون ممكناً فضلاً عن أن يكون واقعاً، نحو: إن كان الواحد نصف العشرة فالعشرة اثنان، ظاهر السقوط أيضاً، لأن مَوْرد الصدق والكذب في الشرطية إنما هو الرَّبْطُ، فتكون صادقة لصدق ربطها ولو كانت كاذبةَ الطرفين لو حُلَّ ربطها، ألا ترى أن قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا..} [الأنبياء: ٢٢] قضية شرطية في غاية الصدق مع أنها لو أزيل منها الربط لكذب طرفاها، إذ يصير الطرف الأول: كان فيهما آلهة إلا الله؛ وهذا باطل قطعاً، ويصير الطرف الثاني: فسدتا أي السموات والأرض وهو باطل أيضاً، والربط لاشك في صحته، وبصحته تصدق الشرطية ... إلخ)) مذكرة أصول الفقه ص ١٤٢.
(٢) في س، ن: ((سلمنا)) .
(٣) وهناك أجوبة أخرى، انظر: المستصفى ١ / ٢٢٧، الوصول لابن برهان ٢ / ٢٤، الضروري في أصول الفقه لابن رشد ص ٨٥، كشف الأسرار للنسفي ٢ / ١٥٥، شرح مختصر الروضة للطوفي ٢ / ٢٩٩.
(٤) أي: ويجوز نسخ الحكم إلى الأثقل. وتحرير محل النزاع هو: أن النسخ إلى الأخف - كالنسخ في آيتي المصابرة، ونسخ الاعتداد بالحول إلى الأشهر - جائز وواقع بالاتفاق. وأن النسخ إلى المثل أو المساوي
- كنسخ القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة - أيضاً جائز وواقع بالاتفاق. وإنما النزاع في النسخ إلى الأثقل والأغلظ والأشق. فمن العلماء من منعه مطلقاً عقلاً وسمعاً، ومنهم من منعه سمعاً، ومنهم من جوزه مطلقاً. وجمهور العلماء من الفقهاء والمتكلمين على جوازه ووقوعه. انظر: إحكام الفصول ص ٤٠١، الإحكام للآمدي ٣ / ١٣٧، منتهى السول والأمل ص ١٥٨، بديع النظام (نهاية الوصول) لابن الساعاتي ٢ / ٥٣٩، أصول الفقه لابن مفلح ٣ / ١١٣٦، البحر المحيط للزركشي ٥ / ٢٤٠، رفع النقاب القسم ٢ / ٤٠٣، تيسير التحرير ٣ / ١٩٩.
(٥) قال ابن حزم: ((قال قوم من أصحابنا ومن غيرهم: لا يجوز نسخ الأخف بالأثقل. وقد أخطأ هؤلاء القائلون)) الإحكام له ١ / ٥٠٦، ونُسب هذا القول لمحمد بن داود الظاهري كما في المسودة
ص ٢٠١، والبحر المحيط للزركشي ٥ / ٢٤٠، وهو مذهب بعض الشافعية كما في شرح اللمع للشيرازي ١ / ٤٩٤.

أما أهل الظاهر: هم طائفة من العلماء يأخذون بظواهر نصوص الكتاب والسنة، ويُعْرضون عن التأويل والقياس والرأي، وإمامهم في ذلك: أبو سليمان داود بن علي الأصبهاني (ت ٢٧٠ هـ) ، وأبرز علمائهم أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي (ت ٤٥٦ هـ) وله كتاب " المحلى " يتجلّى فيه الفقه الظاهري. انظر: الملل والنحل للشهرستاني ١ / ٢٤٣، كتاب: الإمام داود الظاهري وأثره في الفقه الإسلامي لعارف خليل أبو عيد ص ١٣١ - ١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>