للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كون الإجماع حجة، وفي يوم القيامة تنقطع تكاليف (١) الشرائع (٢) .

وأما العوام فقال القاضي: هم مؤمنون ومن الأمة فيتناولهم اللفظ فلا تقوم الحجة بدونهم.

جوابه: أن أدلة الإجماع* يتعيَّن حملها على غير العوام، لأن قول العامي بغير مستند خطأ، والخطأ لا عبرة به، ولأن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعوا على عدم اعتبار (٣) العوام، وإلزامِهم اتباع العلماء. قال القاضي عبد الوهاب (٤) : وقيل: يعتبر (٥) العوام في الإجماع العام (٦) كتحريم الطلاق (٧) والزنا والربا وشرب الخمر، دون الإجماع الخاص (٨) الحاصل في دقائق الفقه (٩) .

المعتبر في الإجماع بحسب المجتهدين في كل فنٍ

ص: والمعتبر في كلِّ فَنٍّ أهلُ الاجتهاد في ذلك الفن، وإنْ لم يكونوا من أهل الاجتهاد في غيره، فيعتبر في الكلام (١٠) المتكلمون، وفي الفقه الفقهاء، قاله الإمام (١١) .


(١) في ق: ((التكاليف)) .
(٢) في ق: ((والشرائع)) . وانظر: الإحكام للآمدي ١/٢٢٥، نهاية الوصول للهندي ٦/٢٦٤٧.
(٣) في ن: ((اتباع)) .
(٤) انظر قوله في: نفائس الأصول ٦/٢٧٥٠، سلاسل الذهب للزركشي ص ٣٤٣.
(٥) في ق: ((تعتبر)) وهو جائز بحسب التقدير: جماعة العوام أو جمع العوام. انظر هامش (١١) ص ٦٧.
(٦) الإجماع العام: هو ما يَعْلم الحكمَ فيه العلماءُ والعوام، وهو ما عُلم حكمه من الدين بالضرورة. انظر: رفع النقاب القسم ٢/٥٥١. لكن هذا النوع من الإجماع لا حاجة إليه، لاستناده إلى القواطع من الكتاب والسنة المتواترة.
(٧) الطلاق يكون حراماً إذا كان بِدْعِيّاً كالطلاق في حيضٍ أو في طهرٍ جامعها فيه. والتمثيل بهذا فيه نظر لخفاء حكم الطلاق البدعي على كثير من العوام. إلاّ أن يكون قصْد المصنف تحريم المطلَّقة بائناً على من طلَّقها، لكن العبارة لا تسْعفه. والله أعلم.
(٨) ساقطة من ن. والإجماع الخاص مثل: أحكام البيوعات والمساقاة والقراض وأحكام العتق والجنايات مما لا يعلمه إلا العلماء.
(٩) وبهذا القول قال الباجي في إحكام الفصول ص (٤٥٩) ، وعزاه السمعاني لبعض أصحاب الشافعي وبعض المتكلمين وأبطله. انظر: قواطع الأدلة ٣ / ٢٤٢.
(١٠) علم الكلام عرَّفه ابن خلدون بقوله: ((علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية، والرد على المبتدعة المنحرفين في الاعتقادات عن مذهب السلف وأهل السنة)) . مقدمته بتحقيق د. علي عبد الواحد وافي (٣ / ١٠٦٩) . وعرَّفه الجرجاني بقوله: ((علم يُبحث فيه عن ذات الله تعالى وصفاته وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون الإسلام. وقيل: هو العلم بالقواعد الشرعية الاعتقادية المكتسبة من الأدلة)) التعريفات ص٢٣٦. وللسلف وأهل السنة كلام في علم الكلام انظر مثلاً: ذم الكلام وأهله لأبي إسماعيل الهروي، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للاَّلكائي ٣ / ٥٢٨ وما بعدها، ٤ / ٧٠٦ وما بعدها.
(١١) انظر: المحصول (٤/١٩٨) في المسألة الرابعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>