للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما تقرَّر أنه لا حكم للأشياء قبل الشرائع (١) ،

فعلى هذا الإباحة رافعة لعدم الحكم لا للتحريم فلا يكون نسخاً. أو نُسلِّم التحريم (٢) ، ونقول حكمه التحريم* بمقتضى آدميَّته وشرفه من غير نظر إلى الجنايات، وهذا التحريم باقٍ، ولا تنافي بين تحريمه (٣) من حيث هو هو (٤) ، وإباحته من جهة الجنايات، كما أن إباحة الميتة من جهة الاضطرار لا تكون نسخاً للتحريم الثابت لها من حيث هي هي، وإنما يحصل التنافي أن لو أبحناه (٥) من حيث هو هو، وأبحنا (٦) الميتة من حيث هي ميتة، وإذا لم يحصل التناقض لا يكون نسخاً [فلا تكون إباحة يده مع الجناية نسخاً] (٧) بل رفعاً (٨) لعدم الحكم، فإن أحكام الجناية لم تكن مرتَّبةً (٩) ، ثم (١٠) صارت مرتَّبةً (١١) .


(١) حكم الأشياء قبل ورود الشرع، إما أن يكون اضطرارياً كالتنفس في الهواء وغيره، فهذا لابد من القطع بأنه غير ممنوع، وإما أن لا يكون اضطرارياً كأكل الفاكهة ونحوها، فهذا فيه خلاف على أقوال، ذكر المؤلف أحد الأقوال وهو التوقف أو عدم الحكم في الأعيان قبل ورود الشرع. والثاني: أنها على
الإباحة، والثالث أنها على التحريم، والرابع: تحكيم العقل بناء على التحسين والتقبيح العقليين.

واعلم بأنه لا فائدة من عقد هذه المسألة إذ مجيء الشرع كافٍ في معرفة حكم هذه الأشياء، كما أن الأرض لم تخْلُ من نبي مرسل قال الله تعالى: {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِير} [فاطر: ٢٤] وقد تظهر فائدتها عند من نشأ في جزيرة أو بَرِّية مقطوعة ولم يَعرفْ شرعاً. انظر بحث المصنف لهذه المسألة في كتابه هذا شرح التنقيح (المطبوع) ص ٨٨، ٩٢، وانظر: كشف الأسرار للبخاري ٣ / ١٩٣، الإبهاج للسبكي وابنه ١ / ١٤٢، شرح الكوكب المنير ١ / ٣٢٣.
(٢) هذا المقام الثاني.
(٣) في س، ن: ((التحريم له)) .
(٤) ساقطة من ن.
(٥) في ن: ((أبحنا)) والمفعول به يُعلم من المقام أنه: الآدمي.
(٦) في ق: ((حل)) .
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من ن.
(٨) في ن: ((رفعٌ)) وهو جائزٌ أيضاً، باعتباره خبراً لمبتدأ محذوفٍ تقديره: هو. والمثبت أقعد، وهو على اعتبار أن " بل " عاطفة؛ لمجيء اسم مفرد بعدها. انظر: شرح الأشموني على ألفية ابن مالك بحاشية الصبان ص ٣ / ١٦٧.
(٩) في ق: ((مترتبة)) .
(١٠) ساقطة من ن.
(١١) في ق: ((مترتبة)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>