للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الطريقة مشكلة بسبب أنَّ وجود (١) النبي صلى الله عليه وسلم لا يمنع وجود الإجماع، لأنه عليه الصلاة والسلام شهد لأمته بالعصمة فقال: ((لا تجتمع أمتي على خطأ)) (٢) وصفة المُضَاف غير المضاف إليه، وهو عليه الصلاة والسلام لو شهد لواحدٍ في زمانه عليه الصلاة والسلام بالعصمة لم يتوقف ذلك على أن يكون بعده عليه الصلاة والسلام، فالأمة أولى (٣) .

ثم إنه نقض هذه القاعدة بعد ذلك فقال* (٤) : يمكن نسخ القياس في زمانه عليه الصلاة والسلام بالإجماع، فصرح بجواز انعقاد الإجماع في زمانه عليه الصلاة والسلام (٥) .


(١) ساقطة من س.
(٢) لم أجده بهذا اللفظ فيما اطلعتُ عليه من كتب السنة، بل فيها لفظ " ضلالة " بدلاً من " خطأ "، والحديث رواه الإمام أحمد في مسنده ٦ / ٣٩٦، وأبو داود (٤٢٥٣) ، والترمذي (٢١٦٧) ، وقال عنه: غريب من هذا الوجه، وابن ماجة (٣٩٥٠) وقال البوصيري: إسناده ضعيف. قال ابن حجر في: تلخيص الحبير (٣ / ٢٩٥) : ((حديث مشهور له طرق كثيرة، لا يخلو واحدٌ منها من مقال)) وقال الزركشي: ((واعلم أن طرق هذا الحديث كثيرة ولا يخلو من علّة وإنما أوردتُ منها ذلك ليتقوى بعضها ببعض)) المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر ص ٦٢. وقال الحاكم - بتصرف - في مستدركه (١ / ١١٦) : ((لابد أن يكون له أصل وله شواهد، لا أدعي صحتها ولا أحكم بتوهينها، بل يلزمني ذكرها لإجماع أهل السنة على هذه القاعدة من قواعد الإسلام)) . وانظر كلاماً للخطيب البغدادي في الحديث في: الفقيه والمتفقه ١ / ٤٢٤. والحديث حسَّنه الألباني بطرقه في سلسلة الأحاديث الصحيحة، الجزء الثالث (١٣٣١) .
(٣) انظر: نفائس الأصول ١ / ٢٥٠٠. والجواب عما أورده مشكلةً أن يقال: إن الإجماع لا ينعقد بمخالفته، ومع موافقته العبرة بسنته، وحينئذٍ يتوجه النسخ إلى مستند الإجماع. انظر: المعتمد ١ / ٤٠، الإحكام لابن حزم ١ / ٥٣٠، الناسخ والمنسوخ لابن العربي ٢ / ١٩، الكاشف عن المحصول للأصفهاني ٥ / ٢٩٨ - ٢٩٩.
(٤) أي: الرازي في محصوله ٣ / ٣٥٨.
(٥) قال تاج الدين الأرموي عن هذا التناقض في كتابه: الحاصل من المحصول (٢ / ٦٦٤) : ((وفيه إشكال)) ، وعبّر عنه سراج الدين الأرموي في: التحصيل من المحصول (٢ / ٢٨) بأن فيه نظر. وذكر هذا التناقض ابن السبكي في الإبهاج (٢ / ٢٥٤ - ٢٥٥) دون أن يجيب عنه. وأما الأصفهاني فاعتذر عنه بأنه وقع سهواً من الإمام، انظر: الكاشف عن المحصول (٥ / ٣٠٨) ، وبمثله أجاب الإسنوي في نهاية السول
(٢ / ٥٩٤) . أما العبادي في الآيات البينات (٣ / ١٧٩) فلم يرتضِ جواب السهو وقال بأن قول الرازي بإمكان نسخ القياس في زمانه صلى الله عليه وسلم بالإجماع، أي: على تقدير انعقاده.

<<  <  ج: ص:  >  >>