للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما (١) القياس في اللغة مثل: كون العرب وضعتْ السرقة لأخذ المال على صورة مخصوصة، حتى فرَّقتْ بين الغاصب والمُحارب والجاحد والخائن والمخْتلِس والسارق (٢) ، فحينئذٍ السرقة (٣) موضوعة (٤) لشيء مخصوص، فهل يُسمَّى النَّبَّاش (٥) للقبور

سارقاً لأجل مشابهته للسارق أو يسمى اللائط (٦) زانياً لمشابهته للزاني؟ هذا موضع الخلاف.

حجة المنع: أنه (٧) لو صح القياس لبطل المجاز خصوصاً المستعار، فإن المشابهة هي علاقته، [فحينئذٍ إن] (٨) أرادوا بالقياس أنه يصير حقيقةً بطل هذا المجاز كله، وقد أجمعنا على ثوبته (٩) ، وإن أرادوا جواز الإطلاق على سبيل المجاز فهو متفق عليه، فعلم (١٠) بأن القول بالقياس لا سبيل إليه، ولأن الأَبْلَق (١١) يقال للفرس لاجتماع السواد


(١) في س: ((إن)) .
(٢) الغَصْب: استيلاءٌ على مال الغير قهراً ظلماً، فإن كان من حرز مثله خُفْيةً سُمي: سرقةً، أو مكابرة
في صحراء سمي: حرابةً، أو مجاهرةً واعتمد الهرب سُمي: اختلاساً، فإن جحد ما ائتمن عليه سُمي: خيانةً. انظر: حاشية الجمل على شرح المنهج ٥ / ٣٩٨، الموسوعة الفقهية (الكويتية) ٢ / ٢٨٨.
(٣) في ق: ((السارق)) وهو مقبول، وإن كان الأصل في الوضع يكون للمصدر.
(٤) في ق: ((موضوع)) انظر الهامش السابق.
(٥) نبش الشيء يَنْبُشه نَبْشاً: استخرجه بعد الدَّفن، ونَبْشُ الموتى: استخراجهم وأخذ أكفانهم، والنَّبَّاش الفاعل لذلك، وحِرْفتُه النِّبَاشة. انظر مادة " نبش " في: لسان العرب، المصباح المنير، الدر النقي
ص ٧٥٥.
(٦) لاط الشيءُ بقلبي، يلوط ويليط إذا لصق، ولاَطَ الرجلُ لِوَاطاً ولاَوَطَ، أي: عَمِل عَمَل قوم لوط. انظر: لسان العرب مادة " لوط ". وللشيخ الدكتور / بكر أبو زيد تنبيهٌ نفيس على رفع التحرُّج عمَّنْ يطلق لفظة: اللِّواط أو اللوطي أو اللوطيَّة، وأنها جاءت في السُّنة وأقوال العلماء وكتبهم. راجع: معجم المناهي اللفظية ص ٤٧٦.
(٧) في ن: ((إذ)) .
(٨) في ق: ((فإن)) .
(٩) القول بالإجماع على ثبوت المجاز دعوى ينقضها الخلاف العريض قديماً وحديثاً، وقد ألِّفتْ فيها أسفارٌ كثيرة، منها: منع جواز المجاز في المنزَّل للتعبُّد والإعجاز للشيخ محمد الأمين الشنقيطي، بطلان المجاز لمصطفى الصياصنة، المجاز في اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع للشيخ عبد العظيم المطعني.
(١٠) في ق، ن: ((فيعلم)) .
(١١) الأَبْلق مشتق من البَلَق، وهو السواد والبياض، يقال للدابة: أبلق وبلقاء. انظر: المخصص لابن سيده
٦ / ١٥٠، ٧ / ٥٥، لسان العرب مادة " بلق ".

<<  <  ج: ص:  >  >>