للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما جعل أهل العراق (١) الوتر ناسخاً لما فيه من رفع قوله تعالى: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى} (٢) فإن المحافظة على الوسطى تذهب لصيرورتها غير وسطى.

الشرح

زيادة الحج على العبادات في آخر الإسلام ليس نسخاً لما تقدَّمه من العبادات، لعدم المنافاة، ومن شرط النسخ التنافي. وأما زيادة الوتر لما اعتقد الحنفية أنه واجب (٣) صارت الصلوات عندهم ستاً، وكلُّ عددِ زوجٍ لا توسُّط فيه، إنما يمكن التوسُّط في عددِ الفرد، كالخمسة اثنان واثنان وواحدٌ بينهما، أما الستة ثلاثة (٤) وثلاثة، [لا يبقى شيء يتوسط] (٥) بينهما، فارتفع الطلب المتعلِّق بالوسطى لزوال الوصف، والطلب لذلك حكم شرعي، فقد ارتفع حكم شرعي، فيكون نسخاً (٦) .


(١) المراد بهم بعض مشايخ الحنفية من أهل العراق، ولم أقف على أسمائهم. انظر: ميزان الوصول للسمرقندي ٢ / ١٠١٣، كشف الأسرار للبخاري ٣ / ٣٦١، التقرير والتحبير ٣ / ١٠٢.
(٢) البقرة، من الآية: ٢٣٨.
(٣) صلاة الوتر عند أكثر الحنفية واجبة، وعند بعضهم وغيرهم من المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية سنة مؤكدة. انظر: شرح فتح القدير لابن الهمام ١ / ٤٣٦، رد المحتار (حاشية ابن عابدين) ٢ / ٤٣٨، الذخيرة للقرافي ٢ / ٣٩٢، مواهب الجليل للحطاب ٢ / ٣٨٤، مغني المحتاج للشربيني ١ / ٤٥١، معونة أولي النهى لابن النجار الفتوحي ٢ / ٨، المحلَّى لابن حزم ٢ / ٢٢٦.
(٤) هكذا في جميع النسخ، والصواب أن يقال: ((فثلاثة)) بأن تقْرن الفاء في جواب أمَّا الشرطية، انظر هامش (٢) ص (٧٩) .
(٥) في ق: ((ولا وسط)) بدلاً عما بين المعقوفين.
(٦) ترَدُّ هذا الحجة بأن النسخ إنما يكون لحكم شرعي، وكون العبادة وسطى أمر حقيقي ليس بحكم شرعي. ثم إن وجوب المحافظة عليها قد ثبت بقوله تعالى: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: ٢٣٨] والتصريح بها ثانياً موصوفةً بهذه الصفة إظهارٌ لزيادة الاهتمام بشأنها من حيث هي هي، والصفة لمجرد التعريف. انظر: الإحكام للآمدي ٣ / ١٧٠، كشف الأسرار للبخاري ٣ / ٣٦١، شرح البدخشي
٢ / ٢٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>