للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتجوا: بأن الناس ما داموا أحياء فهم في مهلة (١) النظر، فلا يستقرُّ الرأي، فلا ينعقد الإجماع (٢) .

ولأن الله تعالى يقول: {لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (٣) وأنتم تجعلونهم شهداء على أنفسهم (٤) .

والجواب عن الأول: أن اتفاق الآراء الآن دل على صحتها عملاً بأدلة الإجماع، فيكون ما عداها باطلاً فلا يفيد الانتقال إليه (٥) .

وعن الثاني: أن كون الإنسان شاهداً على غيره لا يمنع من قبول شهادته (٦) على نفسه، قال الله تعالى: {وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ} (٧) ، ثم المراد بهذه الآية الدار الآخرة، والشهادة على الأمم يوم القيامة، فلا تعلُّق لها بما نحن فيه (٨) .


(١) في ن: ((مهتلة)) وهو تحريف.
(٢) هذا الدليل الأول للمشترطين.
(٣) البقرة، من الآية: ١٤٣.
(٤) هذا الدليل الثاني للمشترطين، ومعنى هذا الاستدلال: أنه لو كان إجماعهم حجة عليهم ـ لا يجوز لهم مخالفته ـ لكانوا شهداء على أنفسهم، وهو خلاف دلالة الآية. نهاية الوصول للهندي ٦ / ٢٥٥٦، وانظر: إحكام الفصول ص٤٧٠.
(٥) ساقطة من ن. وللغزالي أيضاً جواب سديد إذ يقول: ((فإنَّا لا نجوِّز الرجوع من جميعهم، إذ يكون أحد الإجماعين خطأ، وهو محال. أما بعضهم فلا يحلّ له الرجوع، لأنه برجوعه يخالف إجماع الأمة التي وجبت عصمتها عن الخطأ. نعم يمكن أن يقع الرجوع من بعضهم ويكون به عاصياً فاسقاً، والمعصية تجوز على بعض الأمة ولا تجوز على الجميع)) . المستصفى ١ / ٣٦١. وانظر: إحكام الفصول ص ٤٧٢.
(٦) في ن: ((قوله)) .
(٧) النساء، من الآية: ١٣٥.
(٨) انظر: شرح اللمع للشيرازي ١ / ٦٩٩، نفائس الأصول ٦ / ٢٦٨٢، كون المراد بالآية الدار الآخرة فيه نظر، فإن بعض المفسرين جعل الشهادة عامة في الدنيا والآخرة وهو الأوجه، ومما يدلًّ على الشهادة في الدنيا قول النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته حينما أثنوا على جنازةٍ قال: ((أنتم شهداء لله في الأرض)) رواه البخاري (١٣٦٧) ، مسلم (٩٤٩) . انظر: المحرر الوجيز لابن عطية ٢/٣، التفسير الكبير للرازي ٤/٩١، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٢/١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>