للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يجز أن ينكشف الأمر بخلافه، ونحن لم نَدَّعِ حصول العلم في جميع الصور، بل ادَّعينا أنه قد يحصل، [وذلك لا ينافي] (١) عدم حصوله في كثير من الصور (٢) .

وعن الثاني أن الأحكام قسمان، قسم: لا يجوز ثبوته للآحاد بل لمجموعها فقط، كإرواء مجموع القطرات من الماء، وإشباع مجموع لُقَم الخبز، وغَلَبة مجموع الجيش للعدو وغير ذلك، فهذه أحكام ثابتة للمجموعات دون الآحاد (٣) . ومنها (٤) : ما يثبت للآحاد فقط، كالألوان (٥) والطُّعوم والروائح، فإنها (٦) يستحيل (٧) ثبوتها إلا للآحاد. أما المجموعات فأمور ذهنية، والأمور الذهنية لا يمكن أن تقوم بها كيفيات الألوان وغيرها، فحصول (٨) العلم عند (٩) مجموع إخبارات (١٠) المخبرين كحصول الرَّيِّ والشِّبع ونحوهما، فلا يلزم ثبوته للآحاد، فاندفع الإشكال.

وأما وجه الفرق بين الحاضرات والماضيات (١١) : فلأن الماضيات غائبة (١٢) عن الحسِّ فيتطرَّق إليها احتمال الخطأ والنسيان، ولذلك (١٣) الدول المُتَقادِمة (١٤) لم يبقَ عندنا شيء من أحوالها. وأما الحاضرات فمعضودة بالحسِّ، فيبعد تطرُّق الخطأ إليها.


(١) ما بين المعقوفين في س هكذا: ((ذلك، فلا يتنافى)) .
(٢) في هذا الجواب نظر، إذ يفتح باب التشكيك في بعض صور المتواتر في إفادته العلم، والدعوى إنما كانت في إفادة كل صور التواتر للعلم لا أكثره، فمتى حكمنا بتخلِّف صورة واحدة انهدمت الدعوى. والله أعلم.
(٣) في ق: ((الأفراد)) .
(٤) في س، ق: ((ومنه)) . وهذا هو القسم الثاني من أقسام الأحكام.
(٥) في س: ((كالأوزان)) وهو غير متَّجه.
(٦) في ن: ((فإنه)) وهي ساقطة من ق.
(٧) في ق: ((فيستحيل)) .
(٨) في ن: ((فحصل)) .
(٩) في س: ((غير)) وهو تحريف.
(١٠) في ق: ((إخبار)) .
(١١) هذه حجة من اعترف بأن المتواتر يفيد العلم في الحاضرات دون الماضيات.
(١٢) في س: ((غابت)) .
(١٣) في ق: ((وكذلك)) .
(١٤) المُتَقَادمة: أي القديمة الماضية، من: تَقَادَم الشيءُ؛ بمعنى: قَدُم وطال عليه الأمد. انظر: المعجم الوسيط مادة "قدم".

<<  <  ج: ص:  >  >>