للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نقضوا أصلهم بأحاديث قبلوها فيما تعم به البلوى، فأثبتوا الوضوء من القهقهة (١) والفِصَادة (٢) والحِجَامة (٣) (٤) أخبار آحاد، مع [أن هذه الأمور] (٥) مما تعم بها (٦) البلوى، وكذلك الوضوء من القيء والرعاف (٧)

ونحو ذلك*.

واحتجوا أيضاً (٨) بقوله تعالى: {إن الظن لا يغني من الحق شيئاً} (٩) خالفناه في قبول خبر الواحد إذا لم تعم به البلوى، فيبقى على مقتضى الدليل فيما عداه،


(١) أحاديث القهقهة رويت مرسلة ومسندةً. فمن المرسل حديث أبي العالية: أن رجلاً تردَّى في بئر والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه، فضحك بعض من كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان ضحك منهم أن يعيد الوضوء والصلاة. رواه أبو داود في مراسيله ص ١١٨. ومن المسند: حديث ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ضحك في الصلاة قهقهةً فليُعدْ الوضوء والصلاة" رواه ابن عدي في الكامل (٣/١٦٧) ، ومنها حديث أبي هريرة في سنن الدارقطني (١/١٦٤) . وهذه الأحاديث مخرجةً باستيفاء في "نصب الراية" للزيلعي (١/٤٧ـ٥٤) وفي أسانيدها نظر، ولهذا قال الإمام أحمد وغيره: ليس في الضحك حديث صحيح انظر: تلخيص الحبير لابن حجر ١/ ١١٥.
(٢) في ق: ((القصد)) .
(٣) استدلوا بحديث تميم الداري مرفوعاً "الوضوء من كل دم سائل" رواه الدارقطني في سننه (١/١٥٧) وفيه انقطاع وجهالة. انظر: نصب الراية للزيلعي ١/٣٧.
(٤) هنا زيادة كلمة: ((بأحاديث)) في ن، س، ولا حاجة لها.
(٥) ما بين المعقوفين في ق: ((أنها)) .
(٦) في ن، ق ((به)) وهو سائغ باعتبار عود الضمير على ((ما)) المصولة في قوله: ((مما تعم)) . والمثبت: وجهه عود الضمير إلى ((الأمور)) .
(٧) استناداً إلى حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أصابه قيء أو رعاف أو قَلَس أو مَذْيٌ فلينصرف فليتوضأ ثم ليبْنِ على صلاته وهو في ذلك لا يتكلم" رواه ابن ماجة (١٢٢١) . وصححه الزيلعي في "نصب الراية" ١/٣٨. وضعفه البوصيري. انظر: سنن ابن ماجة ٢/٦٩..وانظر مسألة نواقض الوضوء بهذه الأشياء عند الأحناف في: بدائع الصنائع ١/٣٧، ٤٨، شرح فتح القدير ١/٣٩، ٥١.
تنبيه: مهَّد المصنف العذر للأحناف في نفائس الأصول (٧/٣٠٠٣) بأن بإمكانهم ادعاء التواتر في زمن أبي حنيفة، لأنه أدرك الصدر الأول وعشرة من الصحابة، فلا يلزم من عدم تواترها عندنا عدم تواترها عنده" وفي الحقيقة هذا اعتذار ضعيف لأن ادعاء التواتر والاشتهار أمرٌ موكولٌ إلى أهله في هذا الشأن، وهم أهل الحديث وأئمته. والله أعلم. وانظر: شرح مختصر الروضة ٢/٢٣٥.
(٨) ساقطة من ن.
(٩) يونس، من الآية: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>