للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجة أهل الظاهر: أن خصوص هذا الكتاب الذي وجده الآن لم يسمعه من شيخه، فلم يتصل السند فيه، فلا يجوز نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز العمل به.

وجوابهم: أن السند متصل بالطريق الذي بيَّناه. وقد صح عنده (١) رواية مجيزه له فاتصل السند، ولا حاجة للمناولة؛ لأنه إذا ثبت أن مجيزه يرويه، فهذا (٢) الطريق (٣) يقوم (٤) مقام المناولة، والمقصود حصول اتصال السند بطريق صحيح كيف كان.

ومعنى قوله: ((إن الكتاب الفلاني رويته فاروه عني إذا صح عندك)) معناه: إذا صحَّ عندك [أن النسخة التي معك هي] (٥) النسخة التي رويتُها أنا، أو هي مُقابَلةٌ (٦) عليها مُقَابَلةً لا يُشك أن هذه مثلَ تلك من غير زيادة ولا نقص. أما صحة أصل الرواية في ذلك الديوان من حيث الجملة لا تبيح له إباحة جميع نُسَخه كيف كانت؛ لاحتمال الزيادة أو النقص، فلا تجوز الرواية ولا العمل (٧) ،

وفي الأول تجوز الرواية والعمل، ومعنى جواز العمل: أنه يجوز للمجتهد أن يجعله مستنده في الفتيا بحكم الله تعالى، أما


(١) في ن: ((عند)) وهو تحريف.
(٢) في ق: ((فهذه)) ، وفي س: ((هذه)) وهو مقبول، لأن ((الطريق)) تذكر وتؤنث، والتذكير فيه أكثر وأجود. انظر: المذكر والمؤنث للفراء ص ٨٧، لسان العرب مادة " طرق ".
(٣) في ق: ((الطريقة)) .
(٤) في ن، ق: ((تقوم)) وهو متَّجه؛ لما ذكر في هامش (٢) من هذه الصفحة.
(٥) ساقط من ن.
(٦) ساقطة من س.
والمقابلة في اللغة من قابل الشيء بالشيء مقابلةً وقِبالاً، أي: عارضه. ومقابلة الكتاب بالكتاب أي معارضته، إذا جعلت ما في أحدهما مثل ما في الآخر. انظر: لسان العرب مادة " قبل "، فتح المغيث للسخاوي ٣/٧٥.
وفي الاصطلاح: أن يقابل الناسخ نسخته أو ما نقله بأصل شيخه أو بأصل موثوق به، وإصلاح ما يوجد من فروق أو تصحيف أو تحريف أو زيادة أو نقص. انظر: الكفاية في علم الرواية ص٢٣٩، فتح المغيث للسخاوي ٣/٧٨، توثيق النصوص وضبطها عند المحدثين د. موفق بن عبد الله ص١٢٥.
(٧) قال الخطيب البغدادي: ((يجب على من كتب نسخةً من أصل بعض الشيوخ أن يُعارض نسخته بالأصل. فإن ذلك شرط في صحة الرواية من الكتاب المسموع)) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ١/٤٢٨.

وقال القاضي عياض: ((وأما مقابلة النسخة بأصل السماع ومعارضتها به فمتعيّنة لابد منها. ولا يحلُّ للمسلم التقّي الروايةُ ما لم يُقَابِل بأصل شيخه أو نسخةٍ تحقّق ووَثِق بمقابلتها بالأصل ... )) الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع ص ١٥٨ - ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>