للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلافاً للشافعي (١) ؛ لأنه إنما أرسل حيث جزم بالعدالة [فيكون حجة] (٢) .

الشرح

حجة الشافعي رضي الله عنه: أنه إذا سكت عن الراوي جاز أن يكون إذا اطلعنا نحن عليه

لا نقبل (٣) روايته، ولم نُكلَّف نحن بحسن ظن المُرْسِل (٤) فيه، فحصول الظن لنا إذا كشفنا حاله أقوى من حصوله إذا قلدناه فيه وجهلناه، والدليل ينفي العمل بالظن (٥) كما تقدَّم (٦) ، خالفناه إذا عُلِمتْ عدالة الراوي بالبحث والمباشرة، فيبقى على مقتضى الدليل فيما عداه.

حجة الجواز: أن سكوته عنه مع [عدالة الساكت] (٧) وعلمِهِ أن روايته يترتَّب عليها شرع عام، فيقتضي ذلك أنه ما سكت عنه إلا وقد جزم بعدالته، فسكوته كإخباره بعدالته، وهو لو زكَّاه عندنا قبلنا تزكيته وقبلنا روايته، فكذلك سكوته عنه، حتى قال بعضهم: إن المُرْسَل أقوى من المُسْند (٨)

بهذا (٩) الطريق، وهو أن المُرْسِل قد


(١) وهو أيضاً مذهب جماهير المحدثين، وأهل الظاهر، وبعض الأصوليين، ورواية أخرى عن أحمد. انظر: المراجع السابقة، وانظر أيضاً: الرسالة للشافعي ص٤٦١ـ٤٦٥ الإحكام لابن حزم ١/١٤٥، التبصرة ص٣٢٦، المستصفى ١/٣١٨، التمهيد لأبي الخطاب ٣/١٣١، نهاية الوصول للهندي ٧/٢٩٧٦، التمهيد لابن عبد البر ١/٥١، علوم الحديث لابن الصلاح ص٥٤، توجيه النظر للجزائري ٢/٥٥٩.
وقداختلفت الروايات عن الإمام الشافعي في قبول المرسل، هل يردُّه مطلقاً أم يقبله بشروط؟ وسيأتي في الشرح ذكرها.
(٢) ساقط من ق.
(٣) في ن: ((لا تقبل)) .
(٤) في ن: ((المراسل)) والمثبت هو الصواب؛ لأنه الموافق للاصطلاح.
(٥) ساقطة من ن.
(٦) انظر: ص ٢٢١.
(٧) ما بين المعقوفين في ق: ((عدالته)) .
(٨) قال به عيسى بن أبان، وهو رأي لبعض الحنفية وبعض المالكية. قال ابن عبد البر: ((وقالت طائفة من أصحابنا: مراسيل الثقات أولى من المسندات، واعتلُّوا بأن من أسند لك فقد أحالك بالبحث عن أحوال من سمَّاه لك. ومن أرسل من الأئمة حديثاً مع علمه ودينه وثقته، فقد قطع لك على صحته وكفاك النظر ... )) التمهيد له (١/٣) . وانظر: الفصول في الأصول للجصاص ٣ / ١٤٦، أصول السرخسي ١/٣٦١، قواطع الأدلة ٣ / ٤١، كشف الأسرار للبخاري ٣ / ١٣، التقرير والتحبير ٢/٣٨٥.

لكن اعتبر العلائي تقديم المرسل على المسند غلواً، وذكر أقوالاً في أرجحية أحدهما على الآخر ولا سيما عند التعارض. انظر: جامع التحصيل في أحكام المراسيل ص٢٩.
(٩) في ن: ((لهذا)) والخطب سهل؛ لأن اللام كما تكون للتعليل فكذا الباء السببية.

<<  <  ج: ص:  >  >>