للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال المناسب (١) لغير الحكم المذكور: أن نقيس (٢) المساقاة على القِرَاض (٣) في جواز المعاملة على جزء مجهول، فيقول السائل: الفرق أن الشجر إذا تُرِك العمل فيها هلكتْ بخلاف النَّقْدين، وهذا [مناسب لأَنْ يكون] (٤) عقد المساقاة [لازماً لا جائزاً

بخلاف] (٥) القراض، فإن القول بجوازه يؤدي إلى جواز رده بعد مدة، فيَتْلَف الشجر، أما باعتبار الغرر فلا مدخل لمناسبة هذا الفرق فيه.

مثال المناسب للحكم المذكور: أن نقيس الهبة (٦)

على البيع في منع الغرر فيها، فيقول المالكي: الفرق أن البيع عقد معاوضة، والمعاوضة مكايسة (٧) يُخلُّ بها الغرر، والهبة إحسانٌ صِرْفٌ لا يُخلُّ به الغرر، فإن لم يحصل شيء لا يتضرر الموهوب له، بخلاف المشتري (٨) .

قال الإمام فخر الدين: وقَدْحُه في القياس مبني على أن الحكم لا يعلل بعلتين (٩)


(١) في ق: ((التناسب)) وهو تحريف.
(٢) في ق: ((يقيس)) .
(٣) القِراض هي تسمية أهل الحجاز، وهي المضاربة بتسمية أهل العراق. والقِراض مشتق من القَرْض بمعنى القطع انظر مادة " قرض " في: لسان العرب، المصباح المنير. واصطلاحاً: قال ابن عرفة: تمكين مالٍ لمن يتّجر به بجزءٍ من ربحه لا بلفظ الإجارة. شرح حدود ابن عرفة للرصّاع ٢ / ٥٠٠.
(٤) ساقط من ق.
(٥) ساقط من ق.
(٦) الهبة لغة: العطية الخالية من الأغراض والأعواض، من وهَب يَهَب وَهْباً وهبةً. انظر: لسان العرب مادة " وهب ". واصطلاحاً: تمليكُ ذي منفعةٍ لوجهِ المُعْطَى بغير عوض. شرح حدود ابن عرفة للرصّاع

٢ / ٥٥٢.
(٧) المكايسة: مفاعلة من كايس، يقال: كايَسْتُ فلاناً فكِسْتُه أَكِيْسُهُ كَيْساً أي: غلبْتُه بالكَيْس، أي:
العقل. والمماكسة: المساومة لانتقاص الثمن. فالبيع فيه مكايسة ومماكسة. انظر: مادة " مكس " في لسان العرب، النهاية في غريب الحديث والأثر.
(٨) انظر الخلاف في هبة الغرر في: الحاوي ٧ / ٥٣٥، بدائع الصنائع ٨ / ٩٥، المغني ٨ / ٢٤٩، الذخيرة
٦ / ٢٤٣ - ٢٤٤.
(٩) عبارة الرازي في محصوله (٥ / ٥٧١) : ((والكلام فيه (أي الفرق) مبني على أن تعليل الحكم الواحد بعلتين، هل يجوز أم لا؟ وفيه مسألتان)) . ثم شرحهما وقال أخيراً في (٥ / ٢٧٩) : ((وهو (أي الفرق) يقدح في جواز تعليل الحكم الواحد بعلتين مستنبطتين)) فالمصنف يبدو أنه دمج بين العبارتين، واستخلص مذهب الرازي في أن القدح بالفرق يكون في الحكم المعلَّل بعلَّة واحدة أو معلل بعللٍ متعددة مستنبطة، أما الحكم المعلل بعلل منصوصة فلا يقدح. وربما كان النقل من غير المحصول والمنتخب والمعالم والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>