للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صار جزءاً للجنين، فكما أن ولد الصُّلْب حرام فكذلك ولد الرضاع، وهو سر قوله عليه الصلاة والسلام ((الرضاع لُحْمَةٌ كلُحْمَة النسب)) (١)

إشارة إلى الجزئية، فإذا كانت هذه هي الحكمة، فلو أكل جَنينٌ (٢) قطعةً من لحم امرأة فقد صار جزؤها جزأه، فكان يلزم التحريم وهو لم يقل به أحد، وكذلك إذا كانت الحكمة في وصف الزنا هي (٣) اختلاط الأنساب، فإذا أخذ رجل صِبْياناً (٤) ، وفرَّقهم [إلى حيث لم يرهم] (٥) آباؤهم، حتى صاروا رجالاً ولم يعرفْهم (٦) آباؤهم، فاختلطت أنسابهم حينئذٍ، فينبغي أن يجب (٧) عليه حدُّ الزنا لوجود حكمة وصف الزنا، لكنه خلاف الإجماع، فعلمنا أنه لو جاز التعليل بالحكمة [للزم النقض وهو خلاف الأصل، فلا يجوز التعليل بالحكمة] (٨) ، وهو (٩) المطلوب.


(١) لم أجد هذا الحديث فيما اطلعت عليه في دواوين السُّنة. لكن ورد حديث في الوَلاَء، ربما وقع اللّبس بسببه، وهو حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً ((الولاء لُحمةٌ كلحمة النسب لا يُباع ولا يُوهب)) أخرجه ابن حبان في صحيحه بترتيب ابن بلبان ١١ / ٣٢٦، والحاكم في مستدركه وصححه ٤ / ٣٤١، والبيهقي في سننه الكبرى (١٠ / ٢٩٢) ، وصححه الألباني في إرواء الغليل (٦ / ١٠٩) . ومعنى
" اللُّحمة ": القرابة، والمراد المخالطة والمداخلة الشديدة، كأنهم شيء واحد. انظر مادة " لحم " في: لسان العرب، النهاية في غريب الحديث والأثر. ويمكن أن يُستدلَّ للمصنف على معنى الجزئية بحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا يحرم من الرضاع إلا ما فَتَق الأمعاء وكان قبل الفطام)) رواه الترمذي (١١٥١) وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني في الإرواء (٧ / ٢٢١) ، وحديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً ((لا رضاع إلا ما أنشر العظم وأنبت اللحم)) رواه أبو داود
(
٢٠٥٩) وضعفه الألباني في الإرواء (٧ / ٢٢٣) .
(٢) قال ابن عاشور: ((صوابه: طفل؛ لأن الجنين الولدُ في الرَّحِم خاصةً)) حاشية التوضيح ٢ / ١٨٢.
(٣) في ن، ق: ((هو)) وهي مقبولة باعتبار التذكير الذي بعدها. انظر: النحو الوافي لعباس حسن
١ / ٢٦٥.
(٤) هنا زيادة: ((صغاراً)) في ق.
(٥) ما بين المعقوفين في ق: ((من)) .
(٦) في ق: ((تعرفهم)) وهو جائز. انظر هامش (١١) ص (٦٧) .
(٧) في ن: ((يحد)) .
(٨) ما بين المعقوفين كتب في ق هكذا: ((لما جاز بالوصف)) .
(٩) هنا زيادة: ((خلاف)) في ن وهي شاذة عن جميع النسخ، وربما كان وجهها أن يقال: والتعليل بالحكمة خلاف المطلوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>