للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

على أصح الوجهين في علة مشروعية الشفعة، وهو مؤنة القسمة، وإفراد ما يصير إليه بالمرافق، ومقابله: على أنها سوء المشاركة مؤبداً (١).

قلت: لا امتناع في بناء قولين على وجهين؛ فقد تكون مسألة الوجهين لا نص للشافعي فيها، وإنما فهمت باستقراء قولين للشافعي في مسائل يتجه تخريجها على تلك القاعدة، فهي أصل لمسائل القولين باعتبار تفرعها عنها وإن كانت غير منصوصة، لكن صارت في معنى المنصوصة باستنباطها من كلام الشافعي، والله أعلم.

٢٦٧٣ - قول "المنهاج" [ص ٢٩٦]- والعبارة له - و"الحاوي" [ص ٣٥٩]: (ولا شفعة إلا لشريك) أي: ولو ذمياً ومكاتباً وغير عاقل؛ كمسجد له شقص لم يوقف بعد، فباع شريكه .. يأخذ له الناظر بالشفعة، ومثله بيت المال، ومن هذا الشرط يؤخذ أن الموقوف عليه لا يأخذ بالشفعة إذ ليس شريكاً؛ فإن الوقف ملك لله تعالى، ولنا وجه أنه يأخذ تفريعاً على الضعيف أن الملك للموقوف عليه، وقد صرح بالمسألة "التنبيه" فقال [ص ١١٧]: (وما مُلِكَ بشركة الوقف .. لا يستحق فيه الشفعة). وقد اعترض بعضهم: بأن عبارته تشعر بأن من ملك شقصاً بالوقف عليه .. لا يؤخذ منه بالشفعة، يوضحه عطفه إياه على قوله: (فأما ما ملك بوصية .. فلا شفعة فيه) (٢) وهذا ليس مراده؛ لدخوله تحت قوله: (ولا شفعة إلا فيما ملك بمعاوضة) (٣)، فيلزم التكرار، فلو قال: (ولا يأخذ شريك بوقف) .. كان أولى. انتهى.

وهو مردود؛ فلا فرق بين هذه العبارة وبين قول الشيخ: (وما ملك بشركة الوقف)، وإنما كانت عبارته تشعر بما ذكره هذا المعترض لو قال: (وما ملك بالوقف)، وذكر شيخنا الإمام البلقيني: أن مفهوم قول "الروضة": (وإن كان نصف الدار وقفاً ونصفها طلقاً، فباع المالك نصيبه .. فلا شفعة لمستحق الوقف) (٤) أنه لو كان هناك شريك مالك غير البائع وجهة الوقف .. استحق الأخذ بالشفعة، ولا يلزم من سقوطها في جهة سقوطها في الكل، ثم ذكر أنه أفتى في هذه الصورة بمنع الشفعة حيث امتنعت القسمة بسبب الوقف، وصار العلة في الموقوفة: عدم الملك، وفي الأخرى: عدم قبول القسمة.

٢٦٧٤ - قول "المنهاج" [ص ٢٩٦]: (والصحيح: ثبوتها في الممر إن كان للمشتري طريق آخر


(١) انظر "السراج على نكت المنهاج" (٤/ ١٥٨).
(٢) التنبيه (ص ١١٧).
(٣) التنبيه (ص ١١٧).
(٤) الروضة (٥/ ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>