للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[باب الإحصار والفوات]

١٦٤٢ - قول "المنهاج" [ص ٢٠٩]: (من أُحصر .. تحلل) فيه أمور:

أحدها: أن مراده: ما إذا أحصره عدو، كما صرح به "التنبيه" (١)، فاما حصر المرض: فسيذكره بعده.

وقد اعترض عليهما: بأن الأشهر في اللغة - كما قال النووي -: أنَّه يقال: أحصره المرض إحصارًا، فهو محصر، وحصره العدو حصرًا فهو محصور، فكان ينبغي أن يقولا: (من حُصِر)، وكذلك يرد على تعبير "الحاوي" ب (المحصر) (٢).

وأجيب عنه: بأن المفهوم من كلام أهل اللغة - كما ذكره السبكي -: أن الإحصار: المنع من المقصود سواء منع منه مرض أو عدو أو حبس، والحصر: التضييق؛ ويؤيده: أن الآية نزلت في منع العدو مطلقًا زمن الحديبية، وقد عبر فيها بالإحصار.

ثانيها: أن المراد: التحلل جوازًا، والأولى للمعتمر: الصبر، وكذا للحاج إن اتسع الوقت، وإن ضاق .. فالأولى: التعجيل.

استثنى منه الماوردي: ما إذا تيقن انكشاف العدو؛ لعلمه بأنهم لا يمكنهم الإقامة، فإن كان في الحج، وعلم أنَّه يمكنه بعد انكشافهم إدراكه، أو كان في العمرة وتيقن انكشافهم إلى ثلاثة أيام .. لم يجز التحلل (٣).

ويستثنى منه أيضًا: ما إذا أحاط العدو بهم من جميع الجوانب، وهم فرقة واحدة .. فلا يجوز التحلل، كما استنبطه في "المهمات" من تعليل الرافعي ما صححه من جواز التحلل ولو أحاط بهم العدو من جميع الجوانب: بأنهم يستفيدون به الأمن من العدو الذي بين أيديهم (٤).

ثالثها: أنَّه يتناول من أحصر عن الوقوف دون البيت، وعكسه، كما صرح به "الحاوي" (٥)، لكنه لا يتحلل في الحال؛ ففي الأولى: يدخل مكة ويتحلل بعمل عمرة، كما في "أصل الروضة" في آخر الباب (٦)، وفي الثانية: يقف، ثم يتحلل، كما في "شرح المهذب" عن الماوردي، وأقره (٧)،


(١) التنبيه (ص ٨٠).
(٢) الحاوي (ص ٢٥٦).
(٣) انظر "الحاوي الكبير" (٤/ ٣٤٦، ٣٤٧).
(٤) انظر "فتح العزيز" (٣/ ٥٢٦).
(٥) الحاوي (ص ٢٥٦).
(٦) الروضة (٣/ ١٨٢).
(٧) المجموع (٨/ ٢٢٨)، وانظر "الحاوي الكبير" (٤/ ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>