للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثها: أن الذي نص عليه في "الأم" تقييد القولين بما قبل الرفع إلى القاضي (١)، وفيه طريقان .. إحداهما: كذلك، ورجحها شيخنا الإمام البلقيني، والثانية: طردهما في الحالين.

رابعها: أن شيخنا الإمام البلقيني رجح السقوط؛ لأن الشَّافعي رضي الله عنه جزم به في موضعين من "الأم"، وقال في "مختصر المزني": وبه أقول (٢)، وصححه صاحب "المهذب" والماوردي (٣).

خامسها: أن محل الخلاف في ظاهر الحكم، فأما فيما بينه وبين الله تعالى .. فيسقط بلا خلاف؛ لأن التوبة تسقط أثر المعصية، قاله النووي من زيادته في السرقة (٤)، وكلامهم في الشهادات يوافقه.

فَصْلٌ [في اجتماع الحدود]

٥١٥٤ - قول "المنهاج" [ص ٥١٢]: (ومن لزمه قصاص وقطع وحد قذف وطالبوه .. جُلد ثم قطع ثم قتل) المراد: قصاص في النفس؛ ويدل له قوله: (ثم قتل)، والمراد: قطع قصاص لآدَمِيٍ لا لله تعالى؛ كقطع السرقة؛ ويدل له قوله: (لا قطعه بعد جلده إن غاب مستحق قتله) (٥) ليس المعتبر في الجزم الغيبة، بل عدم رضا مستحق القتل بالتعجيل، فلو رضي بالتعجيل ولو في الغيبة .. جاء الخلاف الآتي، ولو حضر ولم يرض .. جُزِم بامتناع التعجيل.

٥١٥٥ - قوله: (وكذا لو حضر وقال: "عجلوا القطع" - أي: وأنا أبادر إلى القتل - في الأصح) (٦) هذا الخلاف تردد للإمام، وقد قيده بمن خيف موته بالموالاة بحيث يتعذر القصاص في النفس ورأى الجزم بالبدار في غير ذلك (٧)، وقول "الروضة" وأصلها: ورأي الإمام تخصيص الوجهين (٨) يوهم أنهما للأصحاب، وهو المقيد لهما، وليس كذلك، بل هما له.

وقال شيخنا الإمام البلقيني: عندي أن الذي ذكره الإمام من الاحتمالين ممنوع، والصواب:


(١) الأم (٦/ ١٣١).
(٢) الأم (٦/ ١٤٦، ١٥٢)، (٧/ ٥٦)، مختصر المزني (ص ٢٦٥).
(٣) المهذب (٢/ ٢٨٥)، الحاوي الكبير (١٣/ ٣٧٠).
(٤) انظر "الروضة" (١٠/ ١٤٦).
(٥) المنهاج (ص ٥١٢).
(٦) انظر "المنهاج" (ص ٥١٢).
(٧) انظر "نهاية المطلب" (١٧/ ١٨٣).
(٨) فتح العزيز (١١/ ٢٦٧)، الروضة (١٠/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>