للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خامسها: قد ظهر بتفسيرهم البيع على البيع والشراء على الشراء: أن ذلك ليس بيعا ولا شراءً، وإنما هو تسبب إليهما، فيحرم لذلك، أو لكونه إفساداً للعقد الأول، قال شيخنا الإمام شهاب الدين بن النقيب: وهل شرط التحريم تحقيق ما وعد به من البيع والشراء؟ يظهر اشتراطه على التعليل الأول دون الثاني (١).

سادسها: قال السبكي: يشترط أن يكون قاصداً أن يبيعه عند أمره بالفسخ، فلو أمره، وليس مقصوده أن يبيعه شيئاً .. فهو كالناجش.

سابعها: يستثنى من كلامهم: ما إذا أذن له البائع الأول؛ فإنه يرتفع التحريم في الأصح.

١٧٧١ - قول "المنهاج" [ص ٢١٧]: (والنجش؛ بأن يزيد في الثمن لا لرغبةٍ بل ليخدع غيره) انتفاء الرغبة وخداع غيره متلازمان، فالجمع بينهما تأكيد؛ ولذلك اقتصر "الحاوي" على الأول، و"التنبيه" على الثاني (٢)، وقيد في "الكفاية" الزيادة في الثمن بقوله: أي: عما تساويه العين، ومقتضاه: أنه لو زاد عند نقص القيمة ولا رغبة له .. جاز، وكلام غيره يخالفه.

١٧٧٢ - قول "المنهاج" [ص ٢١٧]: (والأصح: أنه لا خيار) محلهما: عند مواطأة البائع للناجش، وإلا .. فلا خيار قطعاً.

تَنْبيِهٌ [الجهل بتحريم النجش لا يسقط الإثم]

قال الرافعي: أطلق الشافعي - أي: في "المختصر" - القول بتحريم النجش، وشرط في البيع على بيع غيره: أن يعلم النهي عنه، وفرقوا؛ بأن النجش خديعة، وتحريمها معلوم من الألفاظ العامة وإن لم يعلم هذا الحديث، بخلاف غيره لا يعرف تحريمه إلا من هذا الخبر، قال الرافعي: والبيع على بيع غيره إضرار أيضاً، وتحريم الإضرار معلوم، قال: والوجه تخصيص التعصية بمن عرف التحريم بعموم أو خصوص (٣).

وما بحثه الرافعي قد نص عليه الشافعي في "اختلاف الحديث"، فقال: (من نجش .. فهو عاص بالنجش إن كان عالماً بنهي النبي صلى الله عليه وسلم) (٤)، وصرح باشتراط ذلك القاضي أبو الطيب في "تعليقه".


(١) انظر "السراج على نكت المنهاج" (٣/ ٤٩).
(٢) التنبيه (ص ٩٦)، الحاوي (ص ٢٦٩).
(٣) انظر "فتح العزيز" (٤/ ١٣١، ١٣٢)، و"مختصر المزني" (ص ٨٨).
(٤) اختلاف الحديث (ص ٥١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>