للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بابُ الضَّمان

٢٣٠٥ - قول " المنهاج " [ص ٢٦٦]: (شرط الضامن: الرشد) أورد عليه أمور:

أحدها: أنه يقتضي صحة ضمان المكاتب؛ لأنه رشيد، وليس كذلك؛ إذ ليس أهلًا للتبرع؛ ولذلك قال " الحاوي " [ص ٣٢٠]: (صح ضمان أهل التبرع)، فأخرج المكاتب، وفي " التنبيه " قولان في ضمانه بإذن السيد (١)، والأصح: صحته، وهو داخل في عموم قول " المنهاج " في (الكتابة) في مطلق التبرع [ص ٥٩٨]: (ويصح بإذن سيده في الأظهر).

واعلم: أن الخلاف إنما هو في صحة ضمانه فيما في يده، كما أوضحه في " الكفاية "، واعتبر في " الروضة " صحة العبارة، وأهلية التبرع، واحترز بالأول: عن غير المكلف (٢)، ولا حاجة به إليه؛ لأن غير المكلف ليس أهلًا للتبرع، فهو حشو، ومع ذلك فأورد عليه: الأخرس المفهوم الإشارة .. فالأصح: صحة ضمانه، ولا عبارة له، وفيه نظر؛ فإن إشارته المفهومة يحصل بها التعبير عن مراده، فهي عبارة له وإن لم تكن لفظًا.

وذكر الرافعي: أن الإمام والغزالي احترزا بأهلية التبرع عن السفيه، ثم قال: إنما يظهر كون الضمان تبرعًا حيث لا رجوع، فإن ثبت .. فهو إقراض لا محض تبرع؛ بدليل النص على أن الضمان في مرض الموت بإذن المديون من رأس المال (٣).

واعترضه في " الروضة ": بأن قوله: (إنه ليس تبرعًا) فاسد؛ فإنه لو سُلّم أنه كالقرض .. كان القرض تبرعًا (٤)، وذكر في " المهمات " أن التبرع إنما هو الأداء.

ثانيها: ينبغي أن يقول: (والاختيار) ليخرج المكره، فلا يصح ضمانه ولو كان المكره السيد لعبده، وهو وارد على " الحاوي " أيضًا.

ثالثها: أنه يصح الضمان من السكران المتعدي في الأصح وليس برشيد، فإن التزم أنه رشيد إسقاطًا للعارض الزائل - كما هو مقتضى كلامه في البيع - .. لزم صحة ضمان غير المتعدي بسكره من باب أولى، وليس كذلك.

وجوابه: أن المراد بالرشد: جواز التصرف، والمتعدي بسكره جائز التصرف، بخلاف المعذور.


(١) التنبيه (ص ١٠٥، ١٠٦).
(٢) الروضة (٤/ ٢٤١).
(٣) انظر " نهاية المطلب " (٧/ ١٥)، و" الوسيط " (٣/ ٢٣٥)، و" فتح العزيز " (٥/ ١٤٦، ١٤٧).
(٤) الروضة (٤/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>