للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

به .. لم يسألوا عنه؛ لأنه لو وجب سؤالهم عن الزمان والمكان إذا لم يذكروه .. لوجب سؤالهم عن ثيابه وثيابها، وعن لون المزني بها من سواد أو بياض، وعن سنها من صغيرة أو كبيرة، وعن قدها من طول أو قصر؛ لأن اختلافهم فيه موجب لاختلاف الشهادة، فيتناهى إلى ما لا يحصى، وهذا غير معتبر في السؤال، فكذلك في المكان والزمان، إلا أن يبتدئ بعض الشهود بذكره .. فيسأل الباقون عنه؛ ليعلم ما هم عليه من موافقة واختلاف (١).

وحكى شيخنا في "تصحيح المنهاج" اعتبار الزمان عن القاضي أبي الطيب وابن الصباغ، ثم قال: والصحيح عندنا: أنه لا يشترط بيان المكان ولا الزمان ولو ذكره بعض الشهود؛ لأنهم لو قالوا: لا ندري في أي زمان كان .. كانت شهادتهم مقبولة، وأما المكان .. ففي نسيانه بعد، لكن لما لم يسأل عنه عمر رضي الله عنه .. دل على أنه ليس بمعتبر، والشافعي لم يعتبره، والمعتمد عدم اعتباره. انتهى.

٦٢٢٢ - قوله: (ومن كانت عنده شهادة في حد من حدود الله عز وجل؛ فإن رأى المصلحة في الشهادة .. شهد، وإن رأى المصلحة في الستر .. استحب أن لا يشهد) (٢) كذا صححه النووي في باب حد الزنا من زيادة "الروضة" (٣)، وصحح الرافعي في الموضع المذكور أنه لا يستحب كتمانها؛ لئلا تتعطل (٤)، وجزم هو والنووي في باب الشهادات بأن الأفضل فيها الستر (٥)، وكذا جزم به النووي من زيادته في آخر الباب الثاني من القضاء (٦)، وفي "الكفاية": أن محل ذلك فيما إذا لم يتعلق بتلك الشهادة إيجاب حد على غير مرتكب الجريمة، فإن تعلق به كما إذا شهد ثلاثة بالزنا .. فإنه يجب على الرابع الأداء ويأثم بالتوقف، وحكاه عن "الحاوي" و"البحر".

فَصْلٌ [في الشهادة على الشهادة]

٦٢٢٣ - قول "التنبيه" [ص ٢٧٢]: (تجوز الشهادة على الشهادة في حقوق الآدميين، وفي حدود الله عز وجل قولان، أظهرهما: أنه يجوز) هو ظاهر إطلاق "الحاوي" قبول الشهادة على


(١) انظر "الحاوي الكبير" (١٧/ ٢٤٠، ٢٤١).
(٢) انظر "التنبيه" (ص ٢٧١).
(٣) الروضة (١٠/ ٩٥).
(٤) انظر "فتح العزيز" (١١/ ١٥١).
(٥) انظر "فتح العزيز" (١٣/ ٣٦)، و"الروضة" (١١/ ٢٤٤).
(٦) انظر "الروضة" (١١/ ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>