للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرط على ذلك الوجه في جواز الرمي: استتار الحُرَم، بل عدم استتارهن، فظهر اعتبار العدم في استتار الحرم، والوجود في الإنذار قبل الرمي؛ فيكون قوله: (واستتار) معطوفًا على (مَحْرَم)، وقوله: (وإنذار) معطوفًا على (عدم) أي: بشرط إنذار قبل رميه، فلو أفصح عن المقصود .. لزال هذا الإلباس، وأيّ فائدة في اختصار كلمة واحدة، وإيقاع في لبس عظيم.

واعلم: أن تضعيف اعتبار الإنذار إنما هو إذا لم يوجد تقصير بفتح الباب أو اتساع الكوة ونحوهما، فإن وجد ذلك .. فلا بد من الإنذار كما تقدم، والله أعلم.

فَصْلٌ [ضمان الولاة]

٥١٩٨ - قول "المنهاج" [ص ٥٥١]: (ولو عزّر وليٌّ ووَالٍ وزوج ومُعَلِّمٌ .. فمضمونٌ) و"الحاوي" بعد ذكر تعزير الإمام والأب ومأذونه والسيد: (فإن سرى .. ضمن) (١)، أعم من قول "التنبيه" في (باب ما تجب به الدية) من (الجنايات) [ص ٢٢٠]: (وإن ضرب الوالد ولده، أو المعلم الصبي، أو الزوج زوجته، أو ضرب السلطان رجلًا في غير حد، فأدى إلى الهلاك .. وجبت الدية) لكن دخل في تعبيرهما ما لا مدخل له في الهلاك؛ كتوبيخ غير الحامل والحبس والنفي والصفعة الخفيفة؛ لذكرهما قبل ذلك أن التعزير يكون بالحبس والتوبيخ، ثم أطلقا التعزير هنا مع أن هذا ليس مضمونًا بلا خلاف، ولا يرد ذلك على "التنبيه" لتعبيره بالضرب.

ويستثنى من كلامهم معًا ثلاثة أمور ذكرها شيخنا الإمام البلقيني:

الأول: إذا اعترف بما يقتضي التعزير وطلب بنفسه من الوالي أن يعزره فعزره بطلبه .. لم يكن مضمونًا؛ لإذنه.

الثاني: إذا عزر زوجته الأمة بإذن سيدها .. فلا ضمان.

الثالث: إذا عزر المعلم الرقيق بإذن مالكه، كما حكاه في "أصل الروضة" عن البغوي: أنَّه لو كان مملوكًا فضربه بإذن سيده .. لم يضمن؛ لأنه لو أذن في قتله فقتله .. لم يضمنه (٢).

٥١٩٩ - قول "المنهاج" [ص ٥١٥]: (ولو حَدَّ مقدَّرًا .. فلا ضمان) لا معنى لوصف الحدّ بالتقدير إلَّا التأكيد؛ لأن الحد لا يكون إلَّا مقدرًا؛ ولهذا لم يصفه به "التنبيه" و"الحاوي"، وكأنه احترز عن حد الشرب، فسنتكلم عليه.

٥٢٠٠ - قول "المنهاج" [ص ٥١٦]: (ولو ضرب شارب بنعال وثياب فمات .. فلا ضمان على


(١) الحاوي (ص ٥٩٦، ٥٩٧).
(٢) الروضة (١٠/ ١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>