للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بابُ محرَّمات الإحرام

١٥٧٢ - قول "التنبيه" [ص ٧٢]: (ويحرم عليه ستر الرأس بالمخيط وغيره) فيه أمور:

أحدها: أن ذلك في الرجل، وقد ذكر حكم المرأة في آخر الباب (١).

ثانيها: قد تفهم عبارته أن المُحَرَّم ستر جميع الرأس، وليس كذلك، فستر بعضه كذلك، وضبطه الإمام والغزالي بستر قدر يُقْصَدُ ستره لغرضٍ؛ كشد عصابة ولصوق شجة (٢)، وأبطله الرافعي باتفاقهم على أنه لو شد خيطًا على رأسه .. لا فدية عليه، مع أنه يقصد لمنع الشعر من الانتشار، فالوجه: الضبط بتسميته ساترًا (٣).

ثالثها: قد تتناول عبارته: ستره باليد، ولا منع منه في يد نفسه قطعًا، ولا في يد غيره على المذهب، وبالانغماس في ماء، ولا منع منه، وبالاستظلال بِمَحْمِلٍ أو هودج، ولا منع منه إن لم يصب رأسه، وكذا إن أصابه خلافًا للمتولي في الحالة الثانية، قال الرافعي والنووي: ولم أره لغيره، وهو ضعيف (٤)، وقال شيخنا الإمام البلقيني: نصه في "الأم" يدل له، قال: وَيستَظِل المُحْرِمُ على المحمل والراحلة والأرض بما شاء ما لم يَمسَّ رأسَهُ (٥).

قلت: ليس فيه الاستظلال بالمحمل، وإنما فيه الاستظلال، وهو في المحمل أو على الراحلة بلا محمل أو على الأرض، والله أعلم.

وقال في "المهمات": جزم به جماعات منهم الروياني في "البحر" والخوارزمي في "الكافي" فقالا: له أن يستظل بما لا يباشر رأسه من الخيمة والمحمل (٦).

قلت: قد تكون (مِنْ) بَيانِيّة، والخيمة والمحمل لا يباشران غالبًا، قال: واستدلال القاضي حسين يقتضيه، وصرح به أبو الخير سلامة بن جماعة في كتابه "الوسائل"، وفرق بينه وبين حمل الزنبيل؛ حيث نقل فيه خلافًا بأن المحمل يُقْصَد به الستر، بخلاف الزنبيل. انتهى (٧).

وقد تتناول عبارة "التنبيه" وضع الزنبيل والحِمْل على الرأس، ولا منع منه على المذهب، وفي "المهمات" عن الفوراني أن محله: إذا لم يقصد به الستر، فإن قصده .. حرم، قال والدي


(١) التنبيه (ص ٧٣).
(٢) انظر "نهاية المطلب" (٤/ ٢٤٣)، و"الوجيز" (١/ ٢٦٦).
(٣) انظر "فتح العزيز" (٣/ ٤٥٨).
(٤) انظر "فتح العزيز" (٣/ ٤٥٧)، و"المجموع" (٧/ ٢٢٧).
(٥) الأم (٢/ ٢٠٣).
(٦) بحر المذهب (٥/ ١٣٥).
(٧) الزنبيل: الجراب، وقيل: الوعاء يحمل فيه. انظر "لسان العرب" (١١/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>