الخلاف، فقال: بل يقطع بأنه ضامن، بل يقتص منه على المعتمد؛ فإن جراحة العمد إذا سرت إلى النفس .. أوجبت القصاص وإن لم تقتل غالبًا.
فَصْلٌ [ضمان الدواب والبهائم]
٥٢٢٢ - قول "الحاوي" عطفًا على المضمون [ص ٦٠١]: (وعض ورمح بالمالك) لا يختص ذلك بالعض والرمح، بل الضرب باليد والإتلاف بالذنب كذلك، ولا بالمالك، بل لو كان معها أجير أو مستأجر أو مستعير أو غاصب .. فهو كالمالك في ذلك؛ ولهذا قال "التنبيه"[ص ٢٢١]: (وإن كان معه دابة فأتلفت إنسانًا بيدها أو رجلها .. وجب عليه ضمانه) فلم يخص ذلك بالمالك، لكن يرد عليه: أنَّه لا يختص الضمان بإتلاف الإنسان، ولا بكونه باليد أو الرجل؛ ولذلك قال "المنهاج"[ص ٥١٧]: (من كان معه دابة أو دواب .. ضمن إتلافها نفسًا ومالًا ليلًا ونهارًا) فعبارته في هذا أحسن العبارات، ومع ذلك: فأورد عليها: صيد الحرم والإحرام وشجر الحرم؛ فإنه يضمنه، وليس نفسًا ولا مالكٌ، وقد ينازع في كونه غير مال.
وأورد عليهم جميعًا أمور:
أحدها: أنَّه يستثنى منه ذلك ما إذا كان صبيًا أو مجنونًا أركبه أجنبي .. فإن الضمان إنما يتعلق بالأجنبي الذي أركبه كما تقدم ذكره في (الجنايات)، وقيده الشَّافعي رضي الله عنه بأن يكون مثلهما لا يضبط الدابة.
ثانيها: يستثنى منه: ما إذا نخسها إنسان بغير إذن راكبها فرمحت وأتلفت .. فالضمان على الناخس على الصحيح، ولو غلبته الدابة فاستقبلها إنسان وردها فأتلفت في انصرافها .. فالضمان على الراد.
ثالثها: ويستثنى منه أيضًا ما إذا لم يكن ذلك في حياتها، فإن سقطت ميتة فأهلكت نفسًا أو مالًا .. فلا ضمان على الراكب كما حكاه في "أصل الروضة" عن البغوي (١)، وقد يقال: لم تتناول عبارتهم هذه الصورة.
رابعها: مقتضى المعية التي في كلامهم: أنَّه لو كان معها سائق وقائد .. فالضمان عليهما بالسوية، وهو كذلك، وأنه لو كان معها سائق أو قائد مع راكب .. أن الضمان عليهما، وهو أحد وجهين في كلام الرافعي والنووي بلا ترجيح، والثاني: تخصيص الضمان بالراكب وهو الأصح؛ لأن الرافعي بناه على الخلاف في تنازع الراكب والسائق في الدابة، تجعل في يديهما أو تختص