واجتمع الشيخ ياسين بن يوسف المراكشي بأبيه شرف، ووصَّاه به، وحرَّضه على حفظ القرآن والعلم فحرص عليه؛ ولذا فقد قرأ القرآن ببلده، وختمه وقد ناهز الاحتلام.
وقال صاحب "الطبقات الوسطى": فلما كان ابن تسع عشرة سنة .. قدم به والده إلى دمشق، فسكن بالمدرسة الرواحية، وحفظ "التنبيه" في نحو أربعة أشهر ونصف، وحفظ ربع "المهذب"، ولازم الشيخ كمال الدين إسحاق بن أحمد المغربي، ثم حج مع والده ثم عاد، وكان يقرأ كل يوم اثني عشر درساً على المشايخ، شرحاً وتصحيحاً، فقهاً وحديثاً وأصولاً، ونحواً ولغة إلى أن برع، وبارك الله له في العمر اليسير، ووهبه العلم الكثير.
[ثناء العلماء عليه]
قال الشيخ قطب الدين موسى اليونيني الحنبلي: المحدث الزاهد، العابد الورع، المفتخر في العلوم، صاحب التصانيف المفيدة، كان أوحد زمانه في الورع والعبادة، والتقلل من الدنيا، والإكباب على الإفادة، والتصنيف مع شدة التواضع، وخشونة الملبس والمأكل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
وقال الحافظ الذهبي: الشيخ الإمام القدوة، الحافظ الزاهد، العابد الفقيه، المجتهد الرباني، شيخ الإسلام، حسنة الآنام، محيي الدين، صاحب التصانيف التي سارت بها الركبان، واشتهرت بأقصى البلدان.
وقال اليافعي: شيخ الإسلام، مفتي الآنام، المحدث المتقن، المدقق النجيب، الحبر المفيد القريب والبعيد، محرر المذهب وضابطه ومرتبه، أحد العباد الورعين الزهاد، العالم العامل، المحقق الفاضل، الولي الكبير، السيد الشهير، ذو المحاسن العديدة، والسير الحميدة، والتصانيف المفيدة، الذي فاق جميع الأقران، وسارت بمحاسنه الركبان، واشتهرت فضائله في سائر البلدان، وشوهدت له الكرامات، وارتقى في أعلى المقامات، ناصر السنة، ومعتمد الفتاوى، ذو الورع الذي لم يبلغنا مثله عن أحد في زمانه ولا قبله.
وقال الحافظ ابن كثير: الشيخ الإمام، العالم العلامة، شيخ المذهب، وكبير الفقهاء في زمانه، ومن حاز قصب السبق دون أقرانه، وكان من الزهادة والعبادة، والتحري والورع، والانجماح عن الناس، والتخلي لطلب العلم، والتحلي به على جانب لا يقدر عليه غيره، ولا يضيع شيئاً من أوقاته.
وقال تاج الدين السبكي رحمه الله: كان يحيى رحمه الله سيداً وحصوراً، وليثاً على النفس هصوراً، وزاهداً لم يبال بخراب الدنيا إذا صير دينه ربعاً معموراً، له الزهد والقناعة، ومتابعة