للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بابُ التَّعزير

٥١٨٢ - قولهما: (ومن أتى معصية لا حد فيها ولا كفارة .. عزر) (١) وقول "الحاوي" [ص ٥٩٦]: (ويعزّر الإمام لمعصية غيرها) يعني: غير ذوات الحدود المتقدم ذكرها، يستثنى منه مسائل:

الأولى: ذوو الهيئات في عثراتهم؛ فقد قال في "الأم" بعد روايته حديث عائشة: "تجافوا لذوي الهيئات عن عثراتهم" (٢): (سمعت من أهل العلم من يعرف هذا الحديث ويقول: يتجافى للرجل ذي الهيئة عن عثرته ما لم تكن حدًا، قال: وذوو الهيئات الذين يقالون عثراتهم الذين ليسوا يعرفون بالشر فيزل أحدهم الزلة) (٣).

وحكى في "الشامل" عن الشَّافعي فيما إذا كتب بعض المسلمين إلى المشركين .. فاختار الإمام: أنَّه إن كان من ذوي الهيئات .. لم يعزر؛ لحديث حاطب بنُ أبي بلتعة (٤)، وهذه صورة مما تقدم، وكذلك ما ذكره الشيخ عَزَّ الدين بنُ عبدِ السلام في "قواعده": أنَّه إذا صدرت الصغيرة من بعض أولياء الله تعالى .. لا يجوز للأئمة والحكام تعزيرهم عليها، بل تقال عثرتهم، وتستر زلتهم (٥)، قال: وقد جهل أكثر الناس فزعموا أن الولاية تسقط بالصغيرة، ولم يعلقه الشَّافعي بالأولياء؛ لأن ذلك لا يطلع عليه.

وحكى الماوردي في ذوي الهيئات وجهين:

أحدهما: أنهم أصحاب الصغائر دون الكبائر.

والثاني: أنهم الذين إذا أتوا الذنب .. ندموا عليه وتابوا منه، والمعتمد ما ذكره الشَّافعي من أنهم لا يعرفون بالشر، قال الماوردي: وفي عثراتهم وجهان:

أحدهما: أنَّها صغائر الذنوب التي لا توجب الحدود.

والثاني: أنَّها معصية زل فيها مطيع (٦).

الثانية: الأصل لا يعزر لحق الفرع كما لا يحد بقذفه، وإن لم يسقط حق الإمام من ذلك، صرح به الماوردي.


(١) انظر "التنبيه" (ص ٢٤٨)، و"المنهاج" (ص ٥١٤).
(٢) أخرجه الشافعي في "مسنده" (١/ ٣٦٣).
(٣) الأم (٦/ ١٤٥).
(٤) انظر "الأم" (٤/ ٢٥٠)، وفي (ب)، (ج): (حاطب بنُ بلتعة).
(٥) قواعد الأحكام في إصلاح الأنام (١/ ٢١٠).
(٦) انظر "الحاوي الكبير" (١٣/ ٤٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>