للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من التصرف بهذه الحيلة، فهي جارية على الوجهين معًا؛ ولذلك ذكرها "الحاوي" مع أنه لا يفرع على ضعيف، ذكر ذلك القونوي والسبكي وشيخنا الإسنوي، ثم قال السبكي: لكنا نقول: نفوذ التصرف في المعلقة بغير العزل قريب؛ لأنه لا يضاد ما تضمنته الوكالة من الإذن، والمعلقة بالعزل إذا وُجد العزل .. ضاد الإذن، فالتمسك بالصريح الموجود أولى من التمسك بالإذن المضمن الماضي، والله أعلم.

ثانيهما: قال السبكي وتبعه الإسنوي: إذا قلنا بصحة تعليق العزل على طلوع الشمس .. كيف نعديه إلى تعليقه على التوكيل، وهو تعليق قبل الملك، فإنه لا يملك العزل عن الوكالة التي لم تصدر منه، فهو كقوله: (إن ملكت فلانة، أو نكحتها .. فهي حرة، أو طالق)؟ ! قال السبكي: فهو إذَنْ مبني على وجه ضعيف جداً، وهو التعليق قبل الملك، والله أعلم.

فصلٌ [في التوكيل في البيع]

٢٤٠٤ - قول "التنبيه" [ص ١٠٩]: (ولا يجوز للوكيل أن يبيع بدون ثمن المثل، ولا بثمن مؤجل، ولا بغير نقد البلد، إلا أن ينص على ذلك كله) فيه أمور:

أحدها: قيّد ابن يونس دون ثمن المثل بما لا يتغابن بمثله، ويوافقه قول "المنهاج" [ص ٢٧٣]: (ولا بغبنٍ فاحش) وقول "الحاوي" [ص ٣٢٩]: (بثمن المثل وما يسامح به)، وذكر بعضهم أنه لا يحتاج لذلك؛ لأن القدر اليسير الذي يسامح به ولا يتغابن بمثله ثمن مثله، وفيه نظر؛ فإن الأصح في شراء الماء في التيمم: أنه لو زاد على ثمن المثل ما يتسامح بمثله .. لم يجب، فقد فرقوا بينهما، وفسر "المنهاج" الغبن الفاحش: (بما لا يحتمل غالباً) (١)، وقد مثل بعضهم ذلك: بدرهم في عشرة بخلاف درهمين، وقال الروياني: ذلك يختلف؛ فربع العشر كثير في النقد والطعام، ونصفه ليس كثيراً في الجوهر والرقيق ونحوهما (٢).

ثانيها: مقتضى قوله: (إلا أن ينص له على ذلك كله) أنه لا يجوز واحد من هذه الثلاثة حتى ينص له على جميعها، وليس كذلك، وإنما المراد: أن كلاً منها يجوز له فعله بالتنصيص عليه، وإلى ذلك أشار "المنهاج" بقوله [ص ٢٧٣]: (الوكيل بالبيع مطلقاً) و"الحاوي" بقوله [ص ٣٢٩]: (إن أطلق) للاحتراز عن حالة التصريح بخلاف ذلك.

ثالثها: فد تفهم عبارته جواز البيع بثمن المثل مع وجود راغب بالزيادة عليه، وليس كذلك، بل


(١) المنهاج (ص ٢٧٣).
(٢) انظر "بحر الذهب" (٨/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>