للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصلٌ [في المبيت بمزدلفة وأعمال ليلة النحر]

١٥٠٥ - قول "المنهاج" [ص ٢٠١]: (ومن دفع منها - أي: من مزدلفة -: بعد نصف الليل أو قبله وعاد قبل الفجر .. فلا شيء عليه، ومن لم يكن بها في النصف الثاني .. أراق دمًا) يقتضي أن الواجب من المبيت ساعة من النصف الثاني؛ سواء كان بها في شيء من النصف الأول أم لا، وهو الذي صححه النووي (١)، ويوافقه قول "التنبيه" [ص ٧٧]: (فإن دفع قبل نصف الليل .. لزمه دم في أحد القولين)، وصحح الرافعي: أن الواجب: مبيت معظم الليل؛ كما في مبيت ليالي منى، ثم استشكله من جهة أنهم لا يَصِلونَ إليها حتى يمضي نحو ربع الليل مع أن الدفع منها بعد نصف الليل جائز (٢)، وأطلق "التنبيه" قولين في وجوب الدم، وقال في "المنهاج" [ص ٢٠١]: (وفي وجوبه القولان) أي: المتقدمان فيمن نفر من عرفة قبل الغروب ولم يعد إليها، فيكون الأصح: الاستحباب كما في تلك المسألة، وعليه مشى "الحاوي" (٣)، لكن استدرك النووي في "الروضة" على الرافعي فقال: (الأظهر: وجوبه) (٤)، ولم يستدرك ذلك في "المنهاج"، وقال السبكي: الوجوب هو المنصوص في "الأم"، فهو الصحيح من جهة المذهب (٥)، وذكر في "المهمات" أن هذا الموضع من المواضع التي يسأل عنها في "المنهاج" لأنه ذكر المسألة في أول فصل، بحيث لم يتقدم فيه ذكر للقولين.

ومحل القولين: عند عدم العذر، أما المعذور بما سيأتي في مبيت منى .. فلا دم عليه، ومن هنا استنبط شيخنا الإمام البلقيني أنه لو بات من شرط مبيته في مدرسة مثلًا خارجها؛ لخوف على نفس أو زوجة أو مال ونحوها .. أنه لا يسقط من جامكيته شيء، كما لا يجبر هنا ترك المبيت للمعذورين بالدم، وقال: هو من القياس الحسن، ولم أسبق إليه. انتهى.

وكذلك لا دم على من جاء عرفة ليلًا فاشتغل بالوقوف عنه، ولو أفاض من عرفة إلى مكة، فطاف للإفاضة بعد نصف الليل، ففاته المبيت لذلك .. فعن القفال وصاحب "التقريب": أنه لا دم عليه؛ لاشتغاله بالوقوف، وفيه احتمال للإمام؛ لعدم الضرورة إلى ذلك (٦)، وذهب ابن بنت الشافعي وابن خزيمة إلى أن مبيت مزدلفة ركن في الحج، وأشار ابن المنذر إلى ترجيحه، وقواه


(١) انظر "المجموع" (٨/ ١٢٢).
(٢) انظر "فتح العزيز" (٣/ ٤٣١).
(٣) الحاوي (ص ٢٤٦).
(٤) الروضة (٣/ ٩٩).
(٥) الأم (٢/ ٢١٢).
(٦) انظر "نهاية المطلب" (٤/ ٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>