للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٠٤ - قول "التنبيه" وهو في (باب الفوات والإحصار) [ص ٨٠]: (وإن أخطا الناس في العدد فوقفوا في غير يوم عرفة .. أجزأهم) يتناول ما لو وقفوا الحادي عشر، ولا يجزئهم قطعًا، والثامن، ولا يجزئهم أيضًا، فإن علموا قبل فوت الوقوف .. وجب الوقوف في الوقت، وإن علموا بعده .. وجب القضاء في الأصح، ذكره "المنهاج" (١).

فلذلك فرض "المنهاج" المسألة في وقوف اليوم العاشر، و"الحاوي" فيما بين زوال الشمس يوم النحر والفجر (٢)، فدخل في عبارته ليلة الحادي عشر، ولم تتناولها عبارة "المنهاج"، وذكرها السبكي بحثًا، فقال: الذي يظهر أنها كالعاشر؛ فإنها من تتمته، وقد عرفت أنها منقولة، وصحح القاضي الحسين: عدم الإجزاء فيما إذا وقفوا فيها.

وبين عبارة "المنهاج" و"الحاوي" تفاوت آخر، وهو أن "المنهاج" عبر بقوله [ص ٢٠١]: (ولو وقفوا اليوم العاشر غلطًا) و"الحاوي" بقوله [ص ٢٤٢]: (ولكثيرين كالطين)، فاقتضت عبارة "المنهاج" فيما لو تبين لهم الحال قبل الزوال، فوقفوا عالمين الصحة بناء على أن قوله: (غلطًا) مفعولًا له؛ لأنهم إنما فعلوا ذلك لأجل الغلط، وإن كانوا حالة الوقوف عالمين بالحال، واقتضت عبارة "الحاوي" في هذه الصورة: البطلان وعدم الاحتساب؛ لأنهم لم يقفوا غالطين، بل عالمين، والأول هو الذي عليه عامة الأصحاب، كما حكاه الرافعي، وصححه في "شرح المهذب" (٣)، والثاني هو الذي قال البغوي: إنه المذهب (٤)، وأطلق القاضي حسين في ذلك وجهين من غير ترجيح، وإذا أعربنا قول "المنهاج": (غلطًا) مصدرًا في موضع الحال .. استوت عبارته مع عبارة "الحاوي" في ذلك.

واعلم: أن الرافعي صوّر المسألة بما إذا غم هلال ذي الحجة، فأكملوا عدة ذي القعدة ثلاثين، ثم قامت البينة - إما بعد وقوفهم، أو في أثنائه -[أن الهلال كان قد أهل] (٥) ليلة الثلاثين، وفي إطلاق الغلط والخطأ في العدد على هذا التصوير نظر، وإنما هو جهل، والتعبير بالغلط يتناول ما إذا وقع ذلك بسبب الحساب، وكذا يتناوله تعبير "التنبيه" بالخطأ في العدد مع أنه لا يجزئ كما صرح الرافعي في الكلام على الغلط بالتقديم، وحينئذٍ .. فما اقتضاه كلامهم ليس الحكم فيه كذلك، وما الحكم فيه ذلك .. لا يقضيه كلامهم، والله أعلم.


(١) المنهاج (ص ٢٠١).
(٢) الحاوي (ص ٢٤٢).
(٣) فتح العزيز (٣/ ٤١٩، ٤٢٠)، المجموع (٨/ ٢٢١).
(٤) انظر "التهذيب" (٣/ ٢٦٣).
(٥) ما بين معقوفين زيادة من "الشرح الكبير" ولا بد منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>