للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رحمه الله: وحكاه في "البحر" عن "الحاوي"، واستحسنه (١)، ويتناول تطيين الرأس وطليه بحناء أو مرهم أو غيرهما، وإنما توجب الفدية إذا كان ثخينًا ساترًا، فإن كان رقيقًا لا يستر .. فلا فدية.

رابعها: أن كلامه هنا يتناول حالة العذر، لكنه ذكرها بعد ذلك في قوله: (وإن احتاج إلى اللبس لحرٍ أو بردٍ .. جاز، وعليه الكفارة) (٢) وقد سلم من ذلك جميعه "المنهاج" بقوله [ص ٢٠٦]: (سَتْرُ بعض رأس الرجل بما يُعَدُّ ساترًا إلا لحاجةٍ) وهو أشمل من قول "المحرر" (إلا لحاجة مداواة) (٣) لتناوله الحر والبرد، إلا أن يقال: التغطية لهما من المداواة، وفيه بعد، واقتصار "التنبيه" على الحر والبرد لا يتناول المداواة، وعبر "الحاوي" بقوله [ص ٢٤٩]: (ستر الرأس بما يُعَدّ ساترًا كطين، لا خيطٍ وحِمْلٍ وماءٍ)، وقد عرفت مما تقدم ما يرد عليه.

١٥٧٣ - قول "التنبيه" [ص ٧٢]: (حرم عليه لبس المخيط في جميع بدنه) هو في الرجل، وقد ذكر حكم المرأة بعد ذلك (٤)، ولا يختص التحريم بالمخيط، بل كل مُحيط ولو بنسيج أو عقد أو إلزاق بعضه ببعض أو غيرها كذلك؛ ولذلك قال "الحاوي" [ص ٢٤٩]: (والبدن بمحيطٍ بخياطةٍ ونسجٍ وعقد لِبْدٍ كخريطة اللحية ولف إزارٍ على ساقٍ وعَقْدهِ) (٥)، وعبارة "المنهاج" [ص ٢٠٦]: (وَلُبْسُ المخيط أو المنسوج أو المعقود في سائر بدنه) فلم يأت بما يشمل جميع أنواع المحيط، واستعمل لفظة: (سائر)، فإن أراد: الباقي .. فلم يتقدم حكم شيء منه حتى يكون هذا حكم باقيه؛ فإن الرأس قسيم البدن لا بعضه، فهذا الحكم ثابت لجميع البدن، وإن أراد: الجميع .. فهذا المعنى لا يعرف لـ (سائر)، وإن ذكره الجوهري وتبعه الغزالي (٦)، فقد أنكره ابن الصلاح وغيره (٧)، والمراد: جميع أجزائه على البدل؛ فإنه لا يشترط في التحريم أن يعم المخيط جميع البدن، فلو اتخذ لساعده شيئًا مخيطًا أو للحيته خريطةً لخضاب ونحوه .. حرم في الأصح؛ كالقفازين، ويعرف ذلك من تمثيل "الحاوي".

١٥٧٤ - قول "المنهاج" [ص ٢٠٦]: (إلا إذا لم يجد غيره) أي: لفقده من ملكه، وتعذر شراؤه بثمن مثله، وإجارته بأجرة مثله، واستعارته، ومقتضاه: المنع لحاجة الحر والبرد


(١) الحاوي الكبير (٤/ ١٠٢)، بحر المذهب (٥/ ١٠٦).
(٢) التنبيه (ص ٧٢).
(٣) المحرر (ص ١٣٢).
(٤) التنبيه (ص ٧٣).
(٥) الخريطة: وعاء من جلد أو نحوه يشد على ما فيه من صحف ونحوها. انظر "معجم لغة الفقهاء" (ص ١٩٥).
(٦) انظر "الوجيز" (١/ ٢٦٦).
(٧) انظر "مشكل الوسيط" (٢/ ٦٨٠، ٦٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>