للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمداواة، والمنقول في كلام الرافعي والنووي وغيرهما: الجواز، لكن مع الفدية (١)، فلو عبر بـ (الحاجة) كما في المسألة قبلها .. لكان أولى، وكذلك فعل "الحاوي" فقال بعد ذكر المسألتين [ص ٢٥٠]: (ولحاجة بدم) و"التنبيه" (٢)، فاللبس يتناولهما؛ ولعل "المنهاج" إنما خص هذه الحالة بالذكر؛ لأنه لا فدية فيها، ودخل في كلامه: لُبس الخف لفقد النعل، والسراويل لفقد الإزار، لكنه يجب في الأول قطعه أسفل من الكعب اتباعًا للحديث (٣)، وقد صرح به "التنبيه" و"الحاوي" (٤)، ولا يجب في السراويل قطعه فيما جاوز العورة، كما صرحوا به، وهو مقتضى إطلاق "التنبيه" و"الحاوي" (٥)، لكن لو تأتى له الاتزار بالسراويل .. امتنع لبسه على هيئته، ولزم الاتزار به، صرح به النووي في "شرح المهذب" تبعًا لجماعة (٦).

١٥٧٥ - قولهم: (إنه يحرم على المرأة ستر وجهها) (٧) يستثنى منه: ما لا يتأتى ستر جميع الرأس إلا به، احتياطًا للستر، وفي "شرح المهذب": أن الأمة كالحرة على المذهب، وقيل: كالرجل (٨).

قلت: وينبغي أن يستثنى من ذلك: أن الأمة لا تستر شيئًا من الوجه للاحتياط لستر الرأس؛ لأن رأسها ليس بعورة، ولو ستر الخنثى المشكل وجهه ورأسه .. لزمته الفدية، أو أحدهما .. فلا؛ فإنا لا نوجب بالشك.

١٥٧٦ - قول "التنبيه" [ص ٧٢]: (ويحرم عليه الطيب في بدنه وثيابه) قد يفهم منه اختصاص ذلك بالرجل كالمذكور قبله من المخيط وستر الرأس، وكذلك توهمه عبارة "الحاوي" لذكره بعد قوله [ص ٢٤٩]: (وعلى الرجل ستر الرأس)، وليس كذلك؛ فتحريم الطيب عام للرجال والنساء، وكذا بقية المحرمات إلا اللبس؛ فهو الذي يفترق فيه الرجل والمرأة، فيحرم عليه: ستر الرأس والمخيط في البدن، وعليها: ستر الوجه، ويشتركان في تحريم القفاز، وقول "الحاوي" [ص ٢٥٠]: (والتطيب) ليس معطوفًا على قوله [ص ٢٤٩]: (ستر الرأس) بل على قوله أول الفصل [ص


(١) انظر "فتح العزيز" (٣/ ٤٦١)، و"المجموع" (٧/ ٢٣٢).
(٢) التنبيه (ص ٧٢).
(٣) أخرجه البخاري (٣٥٩)، ومسلم (١١٧٧) من حديث سيدنا ابن عمر رضي الله عنهما قال: سأل رجل رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال: ما يلبس المحرم؟ فقال: "لا يلبس القميص ولا السراويل ولا البرنس ولا ثوبًا مسه الزعفران ولا ورس، فمن لم يجد النعين .. فليلبس الخفين وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين".
(٤) التنبيه (ص ٧٢)، الحاوي (ص ٢٥٠).
(٥) التنبيه (ص ٧٢)، الحاوي (ص ٢٥٠).
(٦) المجموع (٧/ ٢٣٢، ٢٣٣).
(٧) انظر "التنبيه" (ص ٧٣)، و"الحاوي" (ص ٢٤٩)، و"المنهاج" (ص ٢٠٦).
(٨) المجموع (٧/ ٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>