للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال السبكي: والنزاع إنما هو في العلم بالنهي الخاص، أما العلم بالتحريم .. فلا بد من اشتراطه في الإثم عند الله قطعاً، وأما في الحكم الظاهر للقضاة: فما اشتهر تحريمه .. لا يحتاج فيه إلى الاعتراف بالعلم، بخلاف الخفي. انتهى.

١٧٧٣ - قول "المنهاج" [ص ٢١٧]: (وبيع الرُّطَب والعنب لعاصر الخمر) فيه أمور: أحدها: قال السبكي: لا أستحضر فيه نهياً خاصاً، لكن روى الترمذي: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها ... الحديث) (١) وجه الاحتجاج: أن العاصر كالبائع في أن كلاً منهما معين على معصية مظنونة.

قلت: ورد في حديث ضعيف رواه ابن حبان في "الضعفاء" عن بريدة مرفوعاً: "من حبس العنب زمن القطاف حتى يبيعه ممن يعلم أنه يتخذه خمراً .. فقد أقدم على النار على بصيرة"، قال الذهبي: إنه موضوع (٢).

ثانيها: كونه منهياً عنه محتمل للتحريم والكراهة؛ لصدقه بكل منهما، لكن ظاهره التحريم، ولا سيما وقد عطفه على أمور كلها محرمة، واقتصر "التنبيه" على الكراهة فقال [ص ٩٠]: (وإن باع العصير ممن يتخذ الخمر .. كره)، ويمكن حمل كلام "التنبيه" على ما إذا توهم ذلك، وكلام "المنهاج" على ما إذا تحققه، وقد صحح في "الروضة" في صورة التحقق: التحريم (٣)، لكن في "التتمة" و"البحر" حكاية الكراهة عن الأكثرين، وحكي عن النص (٤)، قال في "المطلب": والمراد بالتحقق هنا: غلبة الظن.

ثالثها: جزم الأصحاب بصحة البيع ولو قلنا بالتحريم، قال السبكي: والماخذ يقتضي أن تسليمه إليهم حرام، وذلك يقتضي فساد البيع.

رابعها: الرطب والعنب مثالان، فبيع الحنطة والشعير لمن يتخذهما مزراً أو الخبز ونحوه مثل ذلك.

خامسها: لليتيم عصير أو سيف وأراد الولي بيعه، وهناك اثنان بذل أحدهما أكثر من صاحبه، لكن يقصد جعله خمراً أو آلة للقتل المحرم .. فهل يبيع منه، أو من باذل الأقل؟ فيه احتمالان للروباني (٥).


(١) سنن الترمذي (١٢٩٥) من حديث سيدنا أنس رضي الله عنه.
(٢) المجروحين (١/ ٢٣٦) (٢١٢)، وانظر "ميزان الاعتدال" (٢/ ٢٧٥).
(٣) الروضة (٣/ ٤١٦).
(٤) بحر المذهب (٦/ ٢٧٠)، وانظر "الأم" (٣/ ٧٤).
(٥) انظر "بحر المذهب" (٦/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>