للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ما يقع في هذا الزمان من أنَّه يُجعل لِجُبَاةِ الأموال العشر مما يستخرجونه هو مثل قفيز الطحان، وهو تنبيه حسن، قال: فإن قيل: نظير العشر .. لم تصح إجارة أيضاً، وفي صحته جعالة نظر.

٢٨١٤ - قول "المنهاج" [ص ٣٠٧]: (ولو استأجرها لترضع رقيقًا ببعضه في الحال .. جاز على الصَّحيح) هو مفهوم قول "الحاوي" عطفًا على الممتنع [ص ٣٧٧]: (وجزء محل العمل بعده) وفي "شرح الرافعي": نقل الإمام والغزالي عن الأصحاب المنع؛ لأنَّ العمل لم يقع في خاص ملك المستأجر، وقالا: القياس: الجواز؛ كمساقاة الشريك بشرط زيادة، قال الرافعي: وظاهر المذهب: ما مالا إليه دون ما نقلاه (١).

قال شيخنا ابن النقيب: وظاهر المذهب إنَّما يطلق غالباً إذا كان ثم نص يقبل التأويل، وفي "الأم" قبيل (الصلح): لا يجوز كونه أجيراً على شيء هو شريك في مثل: اطحن لي هذه الويبة ولك منها ربع، قال: فإطلاقه يقتضي المنع كما نقلاه؛ فهو ظاهر المذهب، لا ما قاله الرافعي، ثم قال: واختار السبكي: أنَّه إن كان الاستئجار على الكل .. لم يجز، وهو مراد النَّصُّ، أو على حصته فقط .. جاز، وقد صرح به البغوي والمتولي (٢).

٢٨١٥ - قول "المنهاج" [ص ٣٠٨]: (وكون المنفعة متقومة، فلا يصح استئجار بياع على كلمة لا تُتْعِبُ وإن رَوَّجَتِ السلعة) هو مثل قول "الحاوي" [ص ٣٧٨]: (لا لكلمة بلا تعب) وهو متناول للإيجاب والقبول وغيرهما، وبه صرح في "الروضة" وأصلها، فقال: على كلمة البيع، أو كلمة تروج بها السلعة ولا تعب فيها (٣).

وحمل السبكي كلامهم على غير الإيجاب والقبول، وهو مخالف لتصريحهم كما تقدم، وقال محمَّد بن يَحْيَى: هذا في مستقر القيمة في البلد كالخبز واللحم، أما الثياب والعبيد وما يختلف ثمنه باختلاف المتعاقدين؛ فللبياع فيه مزيد نفع .. فيجوز، واستدرك ذلك النووي في "تصحيحه" على قول "التَّنبيه" [ص ١٢٣]: (وتصح على كل منفعة مباحة) بلفظ الصواب فقال: والصَّواب: أنَّها لا تصح على منفعة غير متقومة؛ كشم تفاحة وكلمة بياع (٤)، ويصح إيراده أيضاً على إطلاق "التَّنبيه" جواز التوكيل في البيع والشراء.

ويستثنى منه أيضاً: البيع من معين، وشراء شيء معين؛ لأنَّه غير مقدور عليه، وقال الرافعي بعد نقله مسألة التفاحة عن الغزالي: وكان المنع ناشئ من أن التفاحة لا تقصد للشم، فيكون


(١) فتح العزيز (٦/ ٨٨).
(٢) السراج على نكت المنهاج (٤/ ٢٢٨)، وانظر الأم (٣/ ٢٣٧).
(٣) فتح العزيز (٦/ ٨٩، ٩٠)، الروضة (٥/ ١٧٨).
(٤) تصحيح التَّنبيه (١/ ٣٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>