للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الخامسة: استئجار الأرض للزراعة والماء عليها صحيح في الأصح، مع أنَّه لا شروع، بل ولا رؤية؛ لأنَّ الماء من مصالحها، وقد ذكر "الحاوي" المسائل الثلاث الأوَّل (١)، وذكر "المنهاج" الأوليين (٢)، وذكر "التَّنبيه" الأولى بعد ذلك لا في معرض الاستثناء (٣)، وتعبير "المنهاج" في الأولى بقوله [ص ٣٠٨]: (قبل انقضائها) قد يرد عليه ما لو قال أولاً: (أجرتكها سنة، فإذا انقضت .. فقد أجرتك سنة أخرى)، والصحيح فيها: بطلان العقد الثَّاني؛ فإنه صدق في هذه الصورة أنَّه قبل انقضائها، فلو عبر بقوله: (في أثنائها) كما عبرتُ به .. لكان أولى.

وأجيب: بأنه في هذه الصورة ليس بمستأجر الأولى، ويستثنى من كلامهم في هذه الصورة: ما إذا أجر داره سنة ثم باعها في المدة وجوزناه .. فليس للمشتري أن يؤجرها السنة الثَّانية للمستأجر؛ لأنَّه لم يكن بينهما معاقدة، حكاه الرافعي عن "فتاوى القفال"، وأقره (٤)، وهو على طريقته في أنَّه لو أجرها أولاً لزيد سنة، فأجرها زيد لعمرو، ثم أجرها المالك لعمرو السنة المستقبلة قبل انقضاء الأولى .. لم يجز، وتصح إجارتها لزيد، لكن الذي صدر به الرافعي كلامه وحكاه عن البغوي: منع إجارتها لزيد، وأن إجارتها لعمرو على الوجهين (٥)، ومقتضاه: ترجيح الصحة، وتعبير "الحاوي" في الثَّانية بقوله [ص ٣٧٩]: (أو ليركب نصف الطريق ذا ونصفه ذا) قد يفهم تقييدها بأن يكون ذلك لرجلين، وليس كذلك، فلو أجرها لرجل واحد ليركب نصف الطريق ويمشي نصفها .. صح على الأصح، وذكر النصف مثال لا قيد؛ ولهذا عبر "المنهاج" بقوله [ص ٣٠٨]: (وهو أن يؤجر دابة رجلًا ليركبها بعض الطَّريق، أو رجلين ليركب هذا أياماً وذا أياماً ويبين البعضين، ثم يقتسمان)، وقوله: (أياماً) مثال، وعبارة "الروضة": زماناً، ثم فرع عليه أنَّه إن كان ثم عادة مضبوطة إمَّا بالزمان كيوم ويوم، أو بالمسافة كفرسخ وفرسخ .. حمل عليها، وليس لأحدهما طلب الركوب ثلاثًا والمشي ثلاثاً للمشقة، وإن لم تكن عادة .. فلا بد من البيان ابتداء. انتهى (٦).

فعلى هذا محل قول "المنهاج" [ص ٣٠٨]: (ويبين البعضين) ما إذا لم تكن عادة، وحمل السبكي كلام "الروضة" على أنَّه بعد استقرار الأمر على يوم ونحوه ليس له طلب ثلاث، وقال:


(١) الحاوي (ص ٣٧٩).
(٢) المنهاج (ص ٣٠٨).
(٣) التَّنبيه (ص ١٢٣).
(٤) انظر "فتح العزيز" (٦/ ٩٧).
(٥) انظر "التهذيب" (٤/ ٤٣٢)، و "فتح العزيز" (٦/ ٩٦).
(٦) الروضة (٥/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>