للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال السبكي: لم أر من ذكر المسألة غيرهم مع كثرة المطالعة، وفي أكثرها اعتباره بالمبيع، فيقتضي ترجيح المنع، وعمر يحتمل أنه وكل في وقف السواد من رآه. انتهى.

ولم يعتبر "التنبيه" و"المنهاج" كون الموقوف ملكًا للواقف أو لمن وقع له الوقف، ومقتضاه: جواز وقف الإمام شيئًا من بيت المال على معين أو جهة عامة، وقد أفتى ابن أبي عصرون نور الدين الشهيد بجوازه متمسكًا بوقف عمر رضي الله عنه السواد، ففعله، قال السبكي: وأنا لا أغيره، ولا أفتي ولا أحكم بتغييره مع أني لا أرى جوازه، قال: ورأيت بخط ابن الصلاح في "مجاميعه" عن جماعة عشرة أو يزيدون: الإفتاء بالصحة، وهو موافق لهم. وفي "المطلب" في باب قسم الفيء حكاية: الصحة عن المذهب، والمنع عن الشيخ أبي حامد، واختاره بعض مشايخ زمننا، والصحة في الجهة العامة أولى من المعين، ثم ذكر ابن الرفعة نصًا، قال: هو كالصريح في الصحة على المعين.

قال السبكي: وليس صريحًا فيه، والذي أراه أن ما علم انتقاله إلى بيت المال بالميراث مثلًا. . فللإمام أن يخص به واحدًا بالمصلحة، وأما الوقف. . فيحتمل ويحتمل، وأما أراضيه من الفتوح في زمن عمر والخلفاء. . فلا يقف منها شيئًا ولا يبيعه، فإن بيعت في زمننا بأمره. . فلا أرى منعه؛ لعدم وضوح دليله، وينبغي أن يعرف الإمام عدم الجواز إن أمكن، وإلا. . اكتفى بأمره، ويسوغ البيع والحكم به بعد الأمر، وأما بدونه. . فلا، وإذا رأينا شيئًا منها بيد أحد ملكًا أو وقفًا. . لا نغيره. انتهى.

وممن صحح وقف الإمام من بيت المال النووي في "فتاويه" وعلله بأن بيت المال لمصالح المسلمين، وهذا منها (١)، وفي "أصل الروضة" تبعًا للرافعي: لو رأى الإمام الآن أن يقف أرض الغنيمة كما فعل عمر رضي الله عنه. . جاز إذا استطاب قلوب الغانمين في النزول عنها بعوض أو بغير عوض (٢).

وقد يفهم اعتبارُ الملك من تصريح "المنهاج" بمنع وقف الحُرِّ والمستولدة والكلب المعلم (٣)، وصرح "الحاوي" باعتباره، فقال [ص ٣٩٤]: (في مملوكٍ معينٍ يُنقل، ويُفيد لا بفواته)، وقوله: (ويفيد لا بفواته) (٤) أي: يحصل به منفعة وفائدة مع بقائه، واحترز بذلك عما لا يحصل الانتفاع به إلا باتفاقه وفواته كالنقدين، وهو معنى قول "التنبيه" [ص ١٣٦]: (ولا يصح إلا في عين


(١) فتاوى النووي (ص ١٢١) مسألة (١٩٦).
(٢) فتح العزيز (١١/ ٤٥٣)، الروضة (١٠/ ٢٧٧).
(٣) المنهاج (ص ٣١٩).
(٤) انظر "الحاوي " (ص ٣٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>