للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال النووي في "الروضة": الفرق أن غالب الوصايا للمساكين، فحمل المطلق عليه بخلاف الوقف؛ ولأن الوصية مبنية على المساهلة، فتصح بالمجهول والنجس، وغير ذلك بخلاف الوقف. انتهى (١).

فهاذان فرقان واضحان، ومع ذلك فليست مسألة الوصية متفقا عليها؛ ففي "الكفاية" عن المتولي: أنه إذا أوصى بثلث ماله، ولم يعين الجهة. . كان في صحة الوصية الخلاف المذكور.

٢٩٩٦ - قولهم: (ولا يجوز تعليقه) (٢) استثني منه: التعليق بالموت، كقوله: (وقفت داري على الفقراء بعد موتي)، فأفتى الأستاذ أبو إسحق وساعدوه بوقوع الوقف بعد الموت كعتق المدبر، قال الإمام: وهو تعليق على التحقيق، بل زائد عليه؛ فإنه إيقاع تصرف بعد الموت (٣).

وقال الرافعي: هذا كأنه وصية؛ لقول القفال في "فتاويه": لو عرضها على البيع. . كان رجوعًا (٤).

وقال السبكي ما معناه: إن ما أفتى به الأستاذ نص الشافعي وكلام المتولي يوافقانه، ولا أرى أن فيه خلافًا عندنا، وإن قال ابن الرفعة: أن الخلاف يطرقه. . فليس كما قال. انتهى.

٢٩٩٧ - قول "المنهاج" [ص ٣٢٠]- واللفظ له - و"الحاوي" [ص ٣٩٦]: (والأصح: أنه إذا وقف بشرط ألا يؤجر. . اتُبع شرطه) حكى الرافعي تصحيحه عن الإمام والغزالي (٥)، وأرسل تصحيحه في "الشرح الصغير" و"أصل الروضة" (٦).

وفهم من اتباع شرطه في منع الإجارة أنه لا يمتنع على الموقوف عليه في هذه الصورة الإعارة، وبه صرح السبكي؛ وعلله: بأن من ملك منفعة. . ملك إعارتها، وقد يتوقف في ملكه المنفعة لكونه ممنوعًا من الإجارة، ويقال: إنما ملك أن ينتفع كما قلنا بمثل ذلك في المستعير، وعلى الأصح في منع الإجارة لو كان الوقف على جماعة تهايئوا في السكن وأقرعوا بينهم، قاله الجوري، وقال: لو كان الوقف عبدًا أو حيوانًا. . فنفقته على من هو في يده.

قال ابن الرفعة: ويظهر هنا وجوب المهايأة؛ لأن بها يتم مقصود الوقف وينحفظ، فإن إخلاءَهُ مفسدة.

قال السبكي: وهذا بعيد؛ فإنه لا يجب على الموقوف عليه أن يسكن، ومقصود الواقف يتم بإباحة الانتفاع.


(١) الروضة (٥/ ٣٣١).
(٢) انظر "التنبيه" (ص ١٣٧)، و"الحاوي" (ص ٣٩٤)، و"المنهاج" (ص ٣٢٠).
(٣) انظر "نهاية المطلب" (٨/ ٣٥٧).
(٤) انظر "فتح العزيز" (٦/ ٢٧٠).
(٥) انظر "نهاية المطلب" (٨/ ٣٩٧)، و"الوجيز" (١/ ٤٢٦)، و"فتح العزيز" (٦/ ٢٧٣).
(٦) الروضة (٥/ ٣٢٩، ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>