للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المدرس الذي أبهمه الواقف إلا بمنزلة تعيين الفقير الذي أبهمه الموكل في الصدقة؟ . انتهى. وحيث جعلنا للناظر العزل. . لم يلزمه بيان مستنده كما أفتى به جمع من متأخري الشافعية، الشيخ عز الدين الفاروثي والقاضي شهاب الدين بن الجويني، والشيخ صدر الدين بن الوكيل، والشيخ [برهان الدين] (١) ابن الفركاح، وأفتى به شيخنا الإمام البلقيني لما سألته عن ذلك، ووافق هؤلاء الجماعة الشيخ شرف الدين أحمد المقدسي، لكن قيده بما إذا كان الناظر موثوقًا بعلمه ودينه.

وقال في "التوشيح": لا حاصل لهذا القيد؛ فإنه إن لم يكن كذلك. . لم يكن ناظرًا، وإن أراد علمًا ودينًا زائدين على ما يحتاج إليه النظار. . فلا يصح، قال: ثم في أصل الفتيا وقفه من قبل أن الناظر ليس كالقاضي العام الولاية، فلم لا يطالب بالمستند؟ وقد صرح شريح في "أدب القضاء" بأن متولي الوقف إذا ادعى صرفه على المستحقين وهم معينون وأنكروا. . فالقول قولهم، ولهم المطالبة بالحساب، وكذا قال غيره، وحكى وجهين في أنه هل للإمام مطالبته بالحساب إذا لم يكونوا معينين؟ . انتهى.

قلت: الحق: تقييد المقدسي، وله حاصل؛ فليس مناظر يقبل قوله في عزل المستحق من وظيفته من غير إبداء مستنده في ذلك إذا نازعه المستحق؛ فإن عدالته ليست قطعية، فيجوز أن يقع له الخلل، وعلمه بذلك قد يختل، فيظن ما ليس بقادح قادحًا، بخلاف من تمكن في العلم والدين، وكان فيه قدر زائد على ما يكفي في مطلق النظار من تمييز بين ما يقدح وما لا يقدح، ومن ورع وتقوى يحولان بينه وبين متابعة الهوى، وقد قال شيخنا الإمام البلقيني في "حاشية الروضة" مع فتواه بما تقدم: إن عزل الناظر للمدرس وغيره تهورًا من غير طريق مسوغ لا ينفذ، ويكون قادحًا في نظره، فيحمل كل من جوابيه على حالة كما قدمته، والله أعلم.

ويشهد لكلام الشيخ هذا ما في "زيادة الروضة" قبيل الغنيمة عن الماوردي: أن ولي الأمر إذا أراد إسقاط بعض الأجناد المثبتين في الديوان بسبب. . جاز، وبغير سبب. . لا يجوز (٢).

٣٠٢١ - قول "المنهاج" [ص ٣٢٣]- والعبارة له - و"الحاوي" [ص ٣٩٦]: (وللواقف عزل من ولاه ونصب غيره، إلا أن يشرط نظره حال الوقف) فيه أمران:

أحدهما: أنه يتناول ما إذا سكت عن النظر؛ لأنه لم يخرج منه إلا حالة شرطه النظر لذلك الشخص، والاستثناء معيار العموم، وفي حالة سكوته لا نظر له، وإنما النظر للحاكم على الصحيح كما تقدم، فكيف يولي ويعزل؟


(١) في (أ): (شهاب الدين)، وفي (ب): (بهاء الدين) والمثبت من (ج)، (د).
(٢) الروضة (٦/ ٣٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>